وقد قرأت كتابا من صحائفكم * لا يرحم الله إلا راحم الناس وقوله:
لو كان فعلك مثل وجهك لم تكن * عني إليك شفاعة لا تشفع وقال:
وظبي تقسم الآجال * بين الناس عيناه وتوري البث والأشجان * في القلب ثناياه ويحكي البدر وقت التم * للاعين خداه تعالى الله ما أحسن * ما صوره الله ولو مثل نفس الحسن * شخصا ما تعداه بنفسي من إذا ما الناي * عن عيني واراه كفاتي ان جنح الليل * يغشاني ويغشاه وقال:
غريب الحسن ليس له ضريب * بعيد في مطالبه قريب تفرد بالجمال بغير مثل * وأخلته المذمة والعيوب تنازعه القلوب إلى هواها * فتغتصب القلوب به القلوب له شمس تزيد بديع حسن * على خديه ليس لها غروب تأمله العيون فحيث حلت * وخيم لحظها حسن غريب فان أسرفن في نظر إليه * تبدت في سوالفه ندوب قضيب حين يقبل في اعتدال * فان ولى فسائره كثيب فيا من ليس يغفل عن صدود * وما لي في تعطفه نصيب أرى للهجر منك لنا رقيبا * فما للوصل ليس له رقيب وقال:
ما حطك الواشون من رتبة * عندي ولا ضرك مغتاب كأنما أثنوا ولم يشعروا * عليك عندي بالذي عابوا كأنما أنت وإن لم تكن * تكذب في الميعاد كذاب إن جئت لم تأت وإن لم أجئ * جئت فهذا منك لي دأب وقال:
لك وجه محاسن الخلق فيه * ماثلات تدعو إليه القلوبا فإذا ما رأتك عين رأت حين * ترنو إليك حسنا غريبا يا حبيبا شكوت ما بي اليه * فحكى حين صد ظبيا ربيبا وتثنى موليا كهلال * فوق غصن يجر دعصا كثيبا بأبي أنت لي شفاء وداء * وطبيب إذا عدمت الطبيبا وقال:
فديت من تم فيه الظرف والأدب * ومن يتيه إذا ما مسه الطرب ما طار طرفي إلى تحصيل صورته * إلا تداخلني من حسنها عجب وردفه في قضيب فوقه قمر * نور خديه ماء الحسن ينسكب نفسي فداؤك يا من لا أبوح به * علقت منك بحبل ليس ينقضب كم ساعة منك خطتها ملائكة * أزهو على الناس بالذنب الذي كتبوا وقال:
أيا من طرفه سحر * ومن مبسمه در تجاسرت فكاشفتك * لما غلب الصبر وما أحسن في مثلك * أن يهتك الستر لئن عنفني الناس * ففي وجهك لي عذر ودعني من مواعيدك * إذ ساعتك الدهر ومن قولك آتيك * إذا صليت الظهر فلا والله لا تبرح * حتى يبرم الأمر فاما الهجر والذم * وأما الوصل والشكر وقال:
بدر تم في قضيب مورق * من رأى بدرا على الأرض مشى جل عنه اللحظ في وصفي له * فاغض الطرف عنه دهشا وقال:
وعاري النفس من حلل العيوب * غدا في ثوب فتان ربيب تفرد بالجمال وقال هذا * من الدنيا ولذتها نصيبي براه الله حين برا هلالا * وخفف عنه منقطع القضيب فيهتز الهلال على قضيب * ويهتز القضيب على كثيب وقال:
وأهيف الخصر مهضوم الحشى غنج * يصبو اليه الذي قد صام أو عبدا في طرفه حور في وجهه قمر * كأنه غصن بان جانب الأودا والثغر در وخداه ووجنته * تبر أضاءت عليه الشمس فاتقدا الحاجبان فمخطوطان من حمم * كان عطفهما نونان قد عقدا يا قادح النار في قلبي بمقلته * وموثقي بحبال الحب مضطهدا سقيا لوجهك يا من لج في قسم * أن لا ينول خيرا عاشقا أبدا اظمات عبدك حتى ما به رمق * أما يحين له المسكين أن يردا لولا شقاوة جدي ما شغفت بكم * ولا مددت إلى من لا ينيل يدا ولا ضرعت إلى من ليس يرحمني * ولا عرفت البكا والشوق والسهدا وقال:
ألا أن من أهواه ضن بوده * واعقبني من بعد ذاك بصده فوا حزنا بعد المودة إنه * ليبخل عني بالسلام ورده دعاني إليه حسنه وجماله * وسحر بعينيه وخال بخده كان فرند المرهفات بخده * ويختال ماء الورد تحت فرنده فلم أر مثلي صار عبدا لمثله * ولا مثله يوما أضر بعبده خمرياته نظم أبو نواس في وصف الخمر فأكثر وابدع في ذلك. ونحن ننقل قسما من منظوماته في ذلك لما فيها من البلاغة والفصاحة وجودة الوصف لان ذلك مما يستفاد منه وان كان في ذكر معنى فاسد وانما الأعمال بالنيات في مروج الذهب حدث أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق المعروف بابن الوكيل البغدادي انه رأى المستكفي في بعض الأيام وعنده جماعة من ندائمه وقد تذاكروا الخمر فقال بعض من حضر إلى أن قال وقد اتى أبو نواس في وصفها وصفة آلاتها وأحوالها بما يكاد يعلو به باب وصفها وقد وصف نورها فقال:
فكأنه في كفه * شمس وراحته قمر فعلت في البيت إذ مزجت * مثل فعل الصبح في الظلم فاهتدى ساري الظلام بها * كاهتداء السفر بالعلم إذا عب فيها شارب القوم خلته * يقبل في داج من الليل كوكبا