ابن بويه الديلمي من الحرب ما قد اشتهر وانحاز الديلمي إلى الجانب الغرب ومعه المستكفي. والمطيع مختف ببغداد والمستكفي يطلبه أشد الطلب.
حرب تكين وناصر الدولة.
قال ابن الأثير ولما هرب ناصر الدولة من الأتراك ولم يقدروا عليه اتفقوا على تأمير الشيرازي وقبضوا على ابن قرابة وعلى كتاب ناصر الدولة ومن تخلف من أصحابه وقبض ناصر الدولة على ابن شيرزاد. ولم يلبث ناصر الدولة بالموصل بل سار إلى نصيبين ودخل تكين والأتراك الموصل وساروا في طلبه فمضى إلى سنجار فتبعه تكين إليها فسار ناصر الدولة من سنجار إلى الحديثة فتبعه تكين وكان ناصر الدولة قد كتب إلى معز الدولة يستصرخه فسير الجيوش اليه فسار ناصر الدولة من الحديثة إلى السن فاجتمع هناك بعسكر معز الدولة وفيهم وزيره أبو جعفر الصيمري وساروا بأسرهم إلى الحديثة لقتال تكين فالتقوا بها واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم تكين والأتراك بعد ان كادوا يستظهرون فلما انهزموا تبعهم العرب من أصحاب ناصر الدولة فأدركوهم وأكثروا القتل فيهم وأسروا تكين وحملوه إلى ناصر الدولة فسلمه فأعماه وحمله إلى قلعة من قلاعه فسجنه بها اه. وقال ابن خالويه: كانت الأتراك البجكمية مع ناصر الدولة الحسن بن عبد الله ابن حمدان لما غزا من نواحي سمسياط حتى نزل على حصني ورتنيس فافتتحهما فكبسوه في الليل فعبر إلى أصحابه وكانوا ألفي فارس فاجتمعت العجم مع الأتراك فلم يفلت منهم أحد واخذ رئيسهم تكين الشيرازي فسمله وفي ذلك يقول أبو فراس في قصيدته الرائية:
واوطأ حصني ورتنيس خيوله * وقبلهما لم يقرع النجم حافر فأب باسراها تغني قيودها * وتلك غوان ما لهن مزاهر وأطلقها فوضى على بطن قلز * حواذر في أشباحهن المحاذر وصب الأتراك نقمة منعم * رماه بكفران الصنيعة غادر في معجم البلدان: ورتنيس بالفتح ثم السكون وفتح التاء وكسر النون ثم ياء وسين مهملة حصن في بلاد سميساط وقيل إنه من قرى حران كانت به وقعة لسيف الدولة بن حمدان قال أبو فراس:
واوطأ حصني ورتنيس خيوله * وقبلهما لم يقرع النجم حافر وفيه أيضا قلز بكسر أوله وتشديد ثانيه وكسره أيضا وآخره زاي مرج ببلاد الروم قرب سميساط كانت لسيف الدولة بن حمدان قال فيه أبو فراس بن حمدان:
وأطلقها فوضى على مرج قلز * حواذر في أشباحهن المحاذر وفي اعمال حلب بلد يقال له كلز أظنه غيره وقال في كلز أظنها قلز الذي تقدم ذكرها وهذه قرية من نواحي عزاز بين حلب وأنطاكية اه.
وكان في عبارته نقصا فإنه قال هو مرج ثم قال كانت لسيف الدولة فلعل الأصل كانت لسيف الدولة فيه وقعة ولكن ظاهر ما في الديوان ان الوقعة كانت لناصر الدولة لا لسيف الدولة. قال ابن الأثير وسار ناصر الدولة والصيمري إلى الموصل فنزلوا شرقيها وركب ناصر الدولة إلى خيمة الصيمري فدخل اليه ثم خرج من عنده إلى الموصل ولم يعد اليه فحكى عن ناصر الدولة أنه قال ندمت حين دخلت الخيمة فبادرت وخرجت وحكي عن الصيمري أنه قال لما خرج ناصر الدولة من عندي ندمت حيث لم اقبض عليه اه.
الخلاف بين معز الدولة وناصر الدولة ثانيا.
قال ابن الأثير في سنة 326 اظهر معز الدولة انه يريد ان يسير إلى الموصل فترددت الرسل بينه وبين ناصر الدولة واستقر الصلح وحمل المال إلى معز الدولة فسكت عنه.
عصيان جمان على ناصر الدولة.
قال وفي سنة 337 سار معز الدولة من بغداد إلى الموصل قاصدا لناصر الدولة فلما سمع ناصر الدولة بذلك سار عن الموصل إلى نصيبين ووصل معز الدولة فملك الموصل وأراد ان يملك جميع بلاد ناصر الدولة فاتاه الخبر من أخيه ركن الدولة ان عساكر خراسان قد قصدت جرجان والري ويستمده فاضطر إلى مصالحة ناصر الدولة واستقر الصلح على أن يؤدي ناصر الدولة عن الموصل وديار الجزيرة كلها والشام كل سنة ثمانية آلاف ألف درهم ويخطب في بلاده لعماد الدولة وركن الدولة ومعز الدولة بني بويه.
محاولة اغتيال نجا منها ناصر الدولة.
في كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي أبي علي محسن بن القاضي أبي القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي قال قد جرى في عصري انه لما خرج معز الدولة إلى الموصل في سنة 337 وانهزم ناصر الدولة من بين يديه أنفذني مولاي لأكون بحضرة معز الدولة وحضرة أبي جعفر الصيمري كاتبه وأوصل كتبه اليهما فسمعت حاشية الصيمري يتحدثون انه جاء ركابي من ركابية معز الدولة وقال له أيها الأمير ان قتلت لك ناصر الدولة اي شئ تعطيني قال له ألف دينار قال فائذن لي ان امضي واحتال في اغتياله فاذن له فمضى إلى أن دخل عسكره وعرف موضع مبيته من خيمته ورصد الغفلة حتى دخلها ليلا وناصر الدولة نائم وبالقرب من مرقده شمعة مشتعلة وفي الخيمة غلام نائم فعرف موضع رأسه من المرقد ثم أطفأ الشمعة واستل سكينا طويلا ماضيا كان في وسطه واقبل يمشي في الخيمة ويتوقى ان يعثر بالغلام وهو يريد موضع ناصر الدولة فإلى ان وصل اليه انقلب ناصر الدولة من جانبه الذي كان نائما عليه إلى الجانب الآخر فزحف في الفراش فصار رأسه و جسده على الجانب الآخر في المخاد والفراش بينه وبين الموضع الذي كان فيه وبلغ الركابي الفراش وهو لا يظن الا انه فيه فوجا الموضع بالسكين بجميع قوته وعنده انه قد أثبتها في صدر ناصر الدولة وتركها وخرج من تحت اطناب الخيمة وسار إلى معز الدولة واخبره انه قتل ناصر الدولة وطالبه بالجعالة فقال اصبر حتى ترد جواسيسي بصحة الخبر وبعد يومين ورد الجواسيس وأخبروا بسلامة ناصر الدولة وذكروا له خبر السكين فاحضر معز الدولة الركابي وسلمه إلى أبي جعفر محمد بن أحمد الصيمري الهلالي وقال له اكفني امر هذا الركابي فان من تجاسر على الملوك لم يجز ان آمنه على نفسي فغرقه الصيمري سرا اه.
بعض اخبار ناصر الدولة.
قال ابن الأثير في سنة 337 قصد المرزبان محمد بن مسافر صاحب آذربيجان الري وهي لركن الدولة فراسله ناصر الدولة يعده المساعدة ويشير عليه ان يبتدئ ببغداد. وفي سنة 342 هرب ديسم بن إبراهيم عن أذربيجان وكان قد استولى عليها وسار إلى ناصر الدولة بالموصل يستنجده فلم ينجده.