وكان ناصر الدولة ينظر في قصص الناس وتقام الحدود بين يديه ويفعل ما يفعل صاحب الشرطة.
خروج ناصر الدولة وأخيه من العراق إلى الموصل.
في مرآة الجنان لليافعي في حوادث سنة 331: فيها هاجت الامراء بواسط على سيف الدولة فهرب وسار اخوه ناصر الدولة إلى الموصل فنهبت داره ونزح خلق كثير من بغداد من تتابع الفتن والخوف إلى الشام ومصر اه. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 331 لما كان سيف الدولة مقيما بواسط بعد انحدار البريديين عنها كان تورون وخجنحج يتحكمان عليه ثم إن ناصر الدولة انفذ إلى أخيه مالا ليفرقه في الأتراك فأسمعاه المكروه وثاراته فأخفاه عنهما وسيره إلى بغداد ثم كبسوه ليلا فهرب إلى بغداد واما ناصر الدولة فإنه لما بلغه الخبر برز ليسير إلى الموصل فركب المتقي اليه وسأله التوقف فاظهر له الإجابة ثم سار إلى الموصل ونهبت داره وكانت امارته ببغداد ثلاثة عشر شهرا وخمسة أيام اه. ولحق به اخوه سيف الدولة وقال ابن خالويه في شرح ديوان أبي فراس: فلما غدرت الأتراك بالأميرين وأصعدا إلى ديارهما كاتبهما الخليفة بالرجوع فأبيا وقال الخليعي يمدح ناصر الدولة الله ربك دع بغدادهم لهم * واحفظ بلادك واحم الدين والثغرا فما افتقرت إلى امر تدبره * حتى يكون الامر إليك مفتقرا وفي مروج الذهب ان المتقي كاتب ناصر الدولة وسيف الدولة ان ينجدوه ويستنقذوه مما هو فيه ويفوض اليهما الملك والتدبير.
ارسال ناصر الدولة عامله على طريق الفرات وديار مضر والعواصم وحمص.
قال ابن الأثير في حوادث سنة 332 فيها استعمل ناصر الدولة ابن حمدان أبا بكر محمد بن علي بن مقاتل على طريق الفرات وديار مضر وجند قنسرين والعواصم وحمص وأنفذه إليها من الموصل ومعه جماعة من القواد ثم استعمل بعده في هذه السنة ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان على ذلك فلما وصل إلى الرقة منعه أهلها فقاتلهم فظفر بهم واحرق من البلد قطعة واخذ رؤساء أهلها وسار إلى حلب.
استيلاء ناصر الدولة على أذربيجان.
قال ابن خالويه في شرح ديوان أبي فراس سار أبو عبد الله الحسين ابن أبي العلاء سعيد بن حمدان إلى أذربيجان بمجموعة فهزم صاحبها واستقامت له أذربيجان اه. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 332 ان ناصر الدولة سير ابن عمه أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان ليستولي على أذربيجان وكان الروس قد خرجوا إلى مدينة بردعة وملكوها فجمع محمد بن المرزبان أمير تلك البلاد الناس لحربهم فحاربهم مرارا وانكسر إلى أن غلبهم أخيرا والتجأ من بقي إلى حصن شهرستان فحاصرهم فيه فاتاه الخبر بوصول الحسين بن سعيد بن حمدان إلى سلماس فترك على الروسية من يحاصرهم وسار إلى حمدان فاقتتلوا ثم نزل الثلج فتفرق أصحاب ابن حمدان ثم اتاه كتاب ناصر الدولة يخبره بموت تورون وانه يريد الانحدار إلى بغداد ويأمره بالعود اليه فرجع اه. ولكن ابن الأثير ذكر بعد ذلك ان تورون مات سنة 334 في المحرم وفي ذلك يقول أبو فراس في رائيته المقدم إليها الإشارة:
وكان أخي ان يسع ساع بمجده * فلا الموت محذور ولا السم ضائر فان جد أو كف الأمور بعزمه * تقل موتور الحشى وهو واتر أزال العدى عن أردبيل بوقعة * صريعان فيها عادل ومساور وجاز أراضي أذربيجان بالقنا * وأدى اليه المرزبان مسافر خروج المتقي من بغداد إلى ناصر الدولة بالموصل في المرة الثانية قال ابن الأثير في حوادث سنة 332 فيها صعد المتقي إلى الموصل لان محمد بن ينال الترجمان وأبا الحسين بن مقلة الترجمان كانا قد سعيا بتوزون إلى المتقي وخوفاه منه فعزم على الاصعاد إلى ابن حمدان فانفذ المتقي إلى ناصر الدولة بن حمدان يطلب منه جيشا ليصحبوه إلى الموصل فأنقذهم مع ابن عمه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان فلما وصلوا إلى بغداد خرج المتقي إليهم في حرمه وأهله ووزيره وأعيان بغداد وانحدر سيف الدولة وحده إلى المتقي بتكريت فأرسل المتقي إلى ناصر الدولة يستدعيه ويقول له لم يكن الشرط معك الا ان تنحدر الينا فانحدر اليه إلى تكريت وركب المتقي اليه فلقيه بنفسه وأكرمه واصعد المتقي إلى الموصل واقام ناصر الدولة بتكريت وسار توزون نحو تكريت فالتقى هو وسيف الدولة بن حمدان تحت تكريت بفرسخين فاقتتلوا ثلاثة أيام ثم انهزم سيف الدولة وغنم تورون والاعراب سواده وسواد أخيه ناصر الدولة وعادا من تكريت إلى الموصل ومعهما المتقي وشغب أصحاب توزون عليه فعاد إلى بغداد وعاد سيف الدولة انحدر فالتقى هو وتوزون بحربى فانهزم سيف الدولة مرة ثانية وتبعه توزون ولما بلغ سيف الدولة إلى الموصل سار عنها هو واخوه ناصر الدولة والمتقي ومن معهم إلى نصيبين ودخل توزون الموصل فسار المتقي إلى الرقة وتبعه سيف الدولة وارسل المتقي إلى توزون يذكر انه استوحش منه لاتصاله بالبريدي فان آثر رضاه يصالح سيف الدولة وناصر الدولة ليعودا إلى بغداد فتم الصلح وعقد الضمان على ناصر الدولة لما بيده من البلاد ثلاث سنين كل سنة بثلاثة آلاف وستمائة ألف درهم وعاد تورون إلى بغداد واقام المتقي عند بني حمدان بالموصل ثم ساروا عنها إلى الرقة فأقاموا بها اه. وفي مروج الذهب فخرج المتقي إلى الموصل فلما بلغ توزون ذلك رجع إلى بغداد وقصد بني حمدان فكان التقاؤهم بعكبرا فكانت بينهم سجالا ثم كانت بتوزون عليهم فرجع إلى بغداد ثم جمعوا له أيضا ورجعوا اليه فتركهم حتى قربوا إلى بغداد فخرج عليهم فلقيهم فهزمهم بعد مواقعات كانت بينهم وسار هو حتى دخل الموصل وخرج عنها إلى مدينة بلد فصالحوه على مال حملوه اليه فرجع إلى بغداد وسار المتقي إلى نصيبين ورجع عنها إلى الرقة فنزلها وذلك سنة 332.
إرادة المتقي العود إلى بغداد.
قال ابن الأثير في حوادث سنة 332 وفيها ارسل المتقي إلى تورون يطلب العود إلى بغداد لأنه رأى من بني حمدان تضجرا به فلقي تورون رسوليه بغاية الرغبة فاستوثقا من تورون وحلفاه بمحضر القضاة والعدول وغيرهم وكتبوا خطوطهم وقال في حوادث سنة 333 كان المتقي قد كتب إلى الاخشيد محمد بن طغج متولي مصر يشكو حاله ويستقدمه اليه اتاه من مصر فلما وصل إلى حلب سار عنها أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان وكان ابن مقاتل بها الذي ولاه ناصر الدولة قبل الحسين بن حمدان فلما علم برحيله عنها اختفى فلما قدمها الاخشيد ظهر اليه فأكرمه الاخشيد واستعمله على خراج مصر وانكسر عليه ما بقي من المصادرة التي صادره بها ناصر الدولة ومبلغه خمسون ألف دينار وسار الاخشيد إلى الرقة