بجواب لا يقوم به الا مثله من أئمة العلم وأولي الفضل والفهم فسألته ان يفيدني في ذلك ففعل متفضلا فكتبته على صورة ما أورده السلفي واخبرني بذلك عن السلفي جماعة قال أبو طاهر السلفي دخل إلي الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني بدمشق سنة 510 وجرى ذكر أبي احمد العسكري فذكرت فيه ما يحتمل الوقت وأنشدت في الصاحب الكافي له شعرا (1).
خاله سيدي فاشتغلت به بعد نهوضه وقيامه وأضفت اليه والى ذكر الشيخ أبي احمد زيادة تعريف ليقف على جلية حاله كأنه ينظر اليه من وراء ستر لطيف فليعلم ان الشيخ أبا احمد هذا كان من الأئمة المذكورين بالتصرف في أنواع العلوم والتبحر في فنون الفهوم ومن التصنيف وكان قد سمع ببغداد والبصرة وأصبهان وغيرها من شيوخ في عداد شيخيه أبي القاسم البغوي وابن أبي داود السجستاني وأكثر عنهم وبالغ في الكتابة وبقي حتى علا به السن واشتهر في الآفاق بالدراية والاتقان وانتهت اليه رئاسة التحديث والإملاء للآداب والتدريس بقطر خوزستان ورحل الاجلاء اليه للاخذ عنه والقراءة عليه وكان يملي بالعسكر وتستر ومدن ناحيته ما يختاره من عالي روايته عن متقدمي شيوخه. وقال ابن خلكان: أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري أحد الأئمة في الآداب والحفظ وهو صاحب اخبار ونوادر وله رواية متسعة وله التصانيف المفيدة.
تشيعه في الرياض: الحسن بن عبد الله بن سعيد من مشايخ الصدوق يروي عن عمر بن أحمد بن حمدان القشيري كذا يظهر من شارة المصطفى لمحمد بن أبي القاسم الطبري ولم أجده في كتب رجال الأصحاب لكن قال ابن طاوس في كتاب كشف المحجة قال أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري في كتاب الزواجر والمواعظ في الجزء الأول منه من نسخة تاريخها ذو القعدة سنة 473 ما هذا لفظه وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع لولده ولو كان من الحكمة ما يجب ان يكتب بالذهب لكانت هذه وحدثني بها جماعة فحدثني علي بن الحسن بن إسماعيل حدثنا الحسن بن أبي عثمان الادمي أخبرنا أبو حاتم المكتب يحيى بن حاتم بن عكرمة حدثني يوسف بن يعقوب بأنطاكية حدثني بعض أهل العلم قال لما انصرف علي ع من صفين إلى قنسرين كتب إلى ابنه الحسن بن علي ع من الوالد الفان المقر للزمان. وحدثنا أحمد بن عبد العزيز حدثنا سليمان بن الربيع الهندي حدثنا كادح بن رحمة الزاهد حدثنا صباح بن يحيى المري وحدثنا علي بن عبد العزيز الكوفي المكتب حدثنا جعفر بن هارون بن زياد حدثنا محمد بن علي بن موسى الرضا ع وحدثنا علي بن محمد بن إبراهيم حدثنا جعفر بن عنبسة حدثنا عباد بن زياد حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن أبي جعفر الباقر ع . وحدثنا محمد بن علي بن داهر الرازي حدثنا محمد بن العباس حدثنا عبد الله بن طاهر عن أبيه عن الصادق ع. واخبرني أحمد بن عبد الرحمن بن فضال القاضي حدثنا الحسن بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع حدثنا جعفر بن محمد الحسني حدثنا الحسن بن عبدك عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي قال كتب أمير المؤمنين ع إلى ابنه محمد انتهى ملخصا قال والظاهر أن المراد به هو هذا الشيخ اه. أقول لا ينبغي الارتياب في أن شيخ الصدوق هو المترجم لتوافق الاسم واسم الأب والجد وموافقة الطبقة فالصدوق توفي 381 وكفى بكونه شيخا للصدوق دليلا على تشيعه ويرشد اليه روايته عن ابن دريد وتشوق الصاحب بن عباد إلى رؤيته كما يأتي.
معرفته وسعة اطلاعه في معجم الأدباء قال أبو أحمد العسكري المترجم في كتاب شرح التصحيف من تصنيفه وقد ذكر ما يشكل ويصحف من أسماء الشعراء فقال وهذا باب صعب لا يكاد يضبطه الا كثير الرواية غزير الدراية قال أبو الحسن علي بن عبدوس الأرجاني وكان فاضلا متقدما وقد نظر في كتابي هذا فلما بلغ إلى هذا الباب قال لي كم عدة أسماء الشعراء الذين ذكرتهم قلت مائة ونيف فقال إني لأعجب كيف استتب لك هذا فقد كنا ببغداد والعلماء بها متوفرون وذكر أبا إسحاق الزجاج وأبا موسى الحامض وأبا بكر الأنباري واليزيدي وغيرهم فاختلفنا في اسم شاعر واحد وهو حريث بن مخفض وكتبنا اربع رقاع إلى أربعة من العلماء فأجاب كل واحد منهم بما يخالف الآخر فقال بعضهم منخفض بالخاء والضاد المعجمتين وقال بعضهم محفص بالحاء والصاد غير معجمتين وقال آخر ابن محفض فقلنا ليس لهذا الا أبو بكر ابن دريد فقصدناه في منزله وعرفناه ما جرى فقال ابن دريد أين يذهب بكم هذا مشهور هو حريث بن محفض بالحاء غير المعجمة مفتوحة والفاء مشددة والضاد منقوطة هو من بني تميم ثم من بني مازن ابن عمرو بن تميم وهو القائل:
ألم تر قومي ان دعوا لملمة * أجابوا وان أغضب على القوم يغضبوا هم حفظوا غيبي كما كنت حافظا * لقومي أخرى مثلها ان تغيبوا بنو الحرب لم تقعد بهم أمهاتهم * وآباؤهم آباء صدق فانجبوا وتمثل الحجاج بهذه الأبيات على منبره فقال أنتم يا أهل الشام كما قال حريث بن محفض وذكر هذه الأبيات فقام حريث بن محفض فقال انا والله حريث بن محفض قال فما حملك على أن سابقتني قال لم أتمالك إذ تمثل الأمير بشعري حتى أعلمته مكاني. ثم قال أبو الحسن بن عبدوس فلم يفرج عنا غيره قال أبو أحمد اجتمع يوما في منزلي بالبصرة أبو رياش وأبو الحسين بن لنكك فتقاولا فكان فيما قال أبو رياش لأبي الحسين أنت كيف تحكم على الشعر والشعراء وليس تفرق بين الزفيان والرقبان فأجاب أبو الحسين ولم يقنع ذاك أبا رياش وقاما على شغب وجدال قال أبو أحمد: فاما الرقبان بالراء والقاف وتحت الباء نقطة فشاعر جاهلي قديم يقال له أشعر الرقبان واما الزفيان بالزاي والفاء وتحت الياء نقطتان فهو من بني تميم من بني سعد بن زيد مناة بن تميم يعرف بالزفيان السعدي راجز كثير الشعر وكان على عهد جعفر بن سليمان وهو الزفيان بن مالك بن عوانة القائل:
وصاحبي ذات هباب دمشق * كأنها بعد الكلال زورق قال وذكر أبو حاتم آخر يقال له الزفيان وانه كان مع خالد بن الوليد حين اقبل من البحرين فقال:
تهدى إذا خوت النجوم صدورها * ببنات نعش أو بضوء الفرقد