وبالجملة التخيير أجزأ وفاقا للمعظم، إذ ما على المحسنين من سبيل، ولخبر أبي بصير (1) السابق، خلافا لظاهر الجامع والنافع والتلخيص وعلي بن رئاب قصرا على النوع المأذون، والجواب أن غيره في حكم المأذون، لفرض العلم بقصد التخيير وإن ذكر ما ذكر إنما هو للرخصة في الأدنى، وإلا يعلم تعلق غرض بالأفضل فلا يجزي وفاقا للمعتبر والتحرير، لأنه غير ما استنيب فيه حقيقة وحكما، خلافا لظاهر أبي علي والشيخ والقاضي فأطلقوا جواز العدول إلى الأفضل ويمكن إرادتهم التفصيل، ويؤيده أن غيره إنما يكون أفضل إذا جاز فعله للمنوب والنائب، إلى غير ذلك من كلماتهم المتفقة على جواز العدول مع فرض التخيير وقصد المنوب الأفضل، لكن قد يناقش بما ظاهرهم الاتفاق عليه من كون التمتع والقران والأفراد أنواعا للحج مختلفة، وأنه يجب في الإجارة تعيين أحدها، لاختلافها في الكيفية والأحكام، وإلا لزم الغرر كما اعترف به في المدارك في صدر البحث، حينئذ فالتخيير للمنوب عيه لكونه مندوبا أو لغير ذلك مع العلم بإرادة المستأجر الأفضل لا يجدي بعد تعيين الفرد بالإجارة ودعوى أنه ذكر للرخصة في الأدنى لا يقتضي صحة الإجارة مع إرادة التخيير فيها، للغرر والابهام نعم لو قلنا بعد تعيين الفرد بالعقد باجزاء غيره عنه مع رضاء المستأجر نحو الوفاء بغير الجنس أمكن الاجزاء حينئذ لذلك، لا لأنه مقتضى عقد الإجارة، بل نحوه يجري في العدول إلى غير الأفضل عنه أيضا، وبذلك يظهر لك النظر في جميع تلك الكلمات التي مبناها العلم بإرادة التخيير في العمل المستأجر عليه كما لا يخفى على من لاحظها، وحملها على ذلك يأباه ظاهر بعضها وصريح آخر، وعلى تقديره فمرحبا بالوفاق، نعم يمكن حمل خبر أبي بصير عليه حتى ما فيه من التعليل بناء على
(٣٧٣)