الفسخ حينئذ ودفع أجرة المثل عما وقع منه، وإن كان المراد الجزئية من العمل المستأجر عليه على وجه التشخيص به فقد يتخيل في بادئ النظر عدم استحقاق شئ كما سمعته من سيد المدارك، لعدم الاتيان بالعمل المستأجر عليه، فهو متبرع به حينئذ، لكن الأصح خلافه، ضرورة صدق كونه بعض العمل المستأجر عليه وليس هو صنفا آخر، وليس الاستئجار على خياطة تمام الثوب فخاط بعضه مثلا بأولى منه بذلك، بناء على عدم الفرق بين التخلف لعذر وغيره في ذلك وإن اختلفا في الإثم وعدمه، لأصالة احترام عمل المسلم، بل لو شرط عليه عدم استحقاق أجرة مع عدم الاتيان به على الوجه المخصوص أشكل صحة الإجارة، لأن تشخيص العمل على وجه لا يصدق عليه أنه بعض العمل المستأجر عليه لا يتبع شرط المستأجر، وإنما هي تابعة لمشخصاته الخارجية، والفرض صدق الاتيان ببعض العمل المستأجر عليه وإن خالف التشخيص الذي صدر من المستأجر، فيرجع الشرط المزبور حينئذ إلى استئجار على عمل بلا أجرة، اللهم إلا أن يفرض الشرط على وجه يقتضي إسقاطه لما استحقه بعقد الإجارة من التقسيط، وهو غير ما نحن فيه، وإن أريد بشرطية الطريق في كلامهم معنى الشرطية التي هي في العقود التزام بأمر خارجي عما قوبل بالعوض في العقد فلا محيص عن القول باقتضاء التخلف الخيار في الفسخ ودفع أجرة المثل، وعدمه ودفع الأجرة تماما نحو الشرط في البيع وغيره من عقود المعاوضة، إذ ليس للشرط قسط من الثمن على وجه التوزيع، ودعوى أن نحو هذا الشرط في خصوص الإجارة كذلك لا دليل عليها، وإنما أوجبنا أجرة المثل في الفرض مع الفسخ لوصول العمل إلى المستأجر مع عدم صدق التبرع به، فيبقي على مقتضى أصالة احترام عمل المسلم الذي كان مقابلا بمقتضى عقد الإجارة بشئ من الأجرة، فمع الفسخ يرجع إلى قيمته.
(٣٧٦)