بل لعله المفهوم من الوصال، ضرورة كون المنساق منه وصال اليومين بالصوم، وقوله تعالى: " ثم أتموا الصيام إلى الليل " لا دلالة فيه إلا على عدم وجوب الصيام بعد الليل دون الحرمة، وظاهر المحكي عن اقتصاد الشيخ في المختلف أن صوم الوصال جعل عشائه سحوره أو طي يومين، ويقرب منه ما في الروضة من أنه أن ينوي صوم يومين فصاعدا بحيث لا يفصل بينهما بفطر، أو صوم يوم إلى وقت متراخ عن الغروب، ومنه أن يجعل عشاءه سحوره بالنية، ولعله كذلك بناء على أن مبنى الحرمة فيه التشريع، ضرورة اشتراك الجميع فيه على هذا التقدير، نعم تظهر ثمرة الخلاف بناء على كونه محرما لنفسه وإن خلا عن التشريع، ولعل الأقوى حينئذ ما في الاقتصاد من كونه الأعم من الأمرين جمعا بين النصوص، وعلى الأول يتجه عدم الحرمة إذا أخر الافطار بغير النية، أو تركه رأسا ليلا، لعدم التشريع حينئذ، بل يظهر من الفاضل وغيره أنه لا وصال مع عدم النية، بل في المدارك نسبته إلى قطع الأصحاب، قيل: لأن تناول المفطر أمر مباح لا دليل على وجوبه، ولا ظهور للنصوص ولا كلام الأصحاب في الاطلاق، فإن الظاهر منهما ملاحظة النية التي هي معتبرة في مفهوم في الصيام شرعا، فبمجرد ترك الافطار لا يصدق صيام يومين مثلا، وكذا لو نوى ترك الافطار أو تأخيره في الليل أو في أثناء النهار من غير أن يجعل ذلك في نية الصوم لم يؤثر فيه فسادا ولا حرمة، قلت: لكن في المدارك أن الاحتياط يقتضي اجتناب ذلك، إذ المستفاد من الرواية تحقق الوصال بتأخير الافطار إلى السحر مطلقا، وربما يؤيده قوله (عليه السلام) فيما تقدم في مسألة تأخير الافطار عن الصلاة أنه قد حضر فرضان فابدأ بأفضلهما وأفضلهما الصلاة، وما في المحكي من نكاح المبسوط أن من خصائص النبي (صلى الله عليه وآله) إباحة الوصال، قال: وهو أن يطوي الليل بلا أكل وشرب مع صيام النهار لا أن يكون صائما، لأن الصوم في الليل لا ينعقد، بل إذا دخل الليل صار الصائم مفطرا
(١٢٩)