والآخر الالتزام بوجوبه، أو ليس في البين الا وجوب العمل فقط؟.
ذهب صاحب الكفاية إلى عدم وجوبه، واستدل بالوجدان الحاكم في باب الإطاعة، وانه لا يرى استحقاق العبد للعقاب إذا جاء بمتعلق التكليف بدون التزامه به وانقياده له.
وانتهى بذلك إلى عدم المانع من جريان الأصل في مورد دوران الامر بين محذورين.
ثم ذكر أنه على تقدير البناء على وجوب الالتزام فليس يمنع عن جريان الأصل، لان الواجب - على تقدير وجوبه - فهو الالتزام بحكم الله الواقعي على واقعة، وهذا ممكن في مورد دوران الامر بين محذورين، ولا يتنافى مع جريان أصالة الإباحة في كلا الطرفين، إذ يمكن ان يلتزم العبد بحكم الله الواقعي من وجوب أو حرمة على واقعه، ويبنى على إباحة كل من الطرفين ظاهرا، وليس الواجب هو الالتزام بحكم الله بعنوان الخاص من وجوب أو حرمة، إذ لا دليل لو سلم الا على النحو الأول لان الدليل المفروض هو وجوب التصديق بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) وهو لا يقتضي أكثر مما ذكرناه.
ولو تنزلنا وقلنا: بان الالتزام الواجب هو الالتزام بحكم الله الواقعي بعنوانه الخاص، فهو غير ممكن في الفرض، فيسقط لعدم العلم به بعنوانه، وهو مما يتوقف عليه الالتزام.
ودعوى: ان مقتضى العلم الاجمالي بالوجوب أو الحرمة هو العلم اجمالا بلزوم الالتزام بأحدهما، وحيث إنه لا يمكن الموافقة القطعية بالالتزام بهما معا يتنزل إلى الموافقة الاحتمالية من باب التوسط في التنجيز، فيلتزم بأحدهما تخييرا كما في صورة الاضطرار إلى أحد المشتبهين.
تندفع: بان الموافقة الاحتمالية ههنا غير مقدورة الا بنحو محرم، وذلك لان الالتزام بكل واحد من الحكمين غير ممكن مع الشك به وانما يمكن مع البناء