هو ان ما أوجبه النبي (صلى الله عليه وآله) و أخبر به هو واجب من قبله تعالى، وهو يجتمع مع عدم الالتزام بحكمه تعالى كما لو علم به مباشرة من دون توسط اخبار النبي (صلى الله عليه وآله).
ثم ذكر (قدس سره): " غاية الامر أن المخالفة الالتزامية فيها - التعبديات - لا ينفك عن المخالفة العملية وتنفك المخالفة العملية عن المخالفة الالتزامية، لان الالتزام بالحكم لا يلازم العمل، والعمل العبادي يلازم الالتزام بالحكم " (1).
أقول: ما ذكره أولا لا بأس به ولا كلام لنا معه.
واما ما ذكره أخيرا من أن عدم الالتزام في التعبديات ينافي التقرب المعتبر في العبادة فيكون مستلزما للمخالفة العملية.
ففيه: ان الحكمين التعبديين أو التعبدي والتوصلي المعلوم اجمالا ثبوت أحدهما، اما ان نلتزم بامكان المخالفة العملية القطعية في الفرض، أو نلتزم بعدم امكانه كالتوصليين، فان التزامنا بالأول كما هو الحق على ما بين في محله، فلا تجري الأصول لاجل استلزامها المخالفة العملية، فيكون الأصل محفوفا بالمانع مع قطع النظر عن وجوب الالتزام، فلا تصل النوبة إلى البحث فيه من هذه الجهة، نعني جهة مانعيته عن جريان الأصل. وان التزمنا بالثاني - ولو فرضا - فدعوى أن عدم الالتزام يلازم المخالفة العملية القطعية خلف كما لا يخفى، فتدبر جيدا.
ثم إن صاحب الكفاية (رحمه الله) ذكر أنه لا يمكن أن يكون إجراء الأصل نافيا لوجوب الالتزام لو فرض وجوبه في نفسه ومنافاة مفاد الأصل له، وقد أشار بذلك إلى ما ذكره الشيخ في رسائله من أن إجراء الأصل في الشبهة * (هامش) (1) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية 2 / 26 الطبعة الأولى. (*)