الجزء المادي: فهو مبدء الاشتقاق، وهو معنى اسمى وله مفهوم متقرر في وعاء العقل. واما الجزء الصوري فهو عبارة عن الهيئة التي وضعت لايجاد انتساب المبدء إلى الذات، واما الأخبارية والانشائية فهما خارجان عن مدلول اللفظ، وانما يستفادان من المقام والسياق وقرائن الحال، لا ان لفظ بعت مثلا يكون مشتركا بين الأخبارية والانشائية. وحينئذ إذا كان المتكلم في مقام الاخبار بحيث استفيد من السياق انه في ذلك المقام، كان اللفظ موجبا لاخطار المعنى في الذهن من دون ان يوجد باللفظ معنى أصلا، كما في الأسماء، وإذا كان المتكلم في سياق الانشاء فايضا يكون موجبا لاخطار المعنى في ذهن السامع، الا انه مع ذلك يكون موجدا للمنشأ من الملكية، وموجبا لايجاد شئ لم يكن قبل التلفظ ببعت من ملكية المشترى للمال، ولكن الذي يوجده اللفظ امر متقرر في حد نفسه، لا ان تقرره يكون منحصرا في موطن الاستعمال، بل بالاستعمال يوجد معنى متقرر في الوعاء المناسب له من وعاءات الاعتبار، حيث كانت الملكية من الأمور الاعتبارية.
والحاصل: ان استعمال صيغ العقود في معانيها يوجب حدوث امر لم يكن إذا كان في مقام الانشاء، واما بقاء ذلك الامر فلا يدور مدار الاستعمال، بل يدور مدار بقاء وعائه من وعاء الاعتبار، فملكية المشترى للمال تبقى ببقاء الاعتبار، و لا تدور مدار بقاء الانشاء والاستعمال، بل الملكية هي بنفسها متقررة بعد الانشاء، وهذا بخلاف المعنى الموجد بالحرف، فان المعنى الحرفي قراره وقوامه يكون في موطن الاستعمال، بحيث يدور مدار الاستعمال حدوثا وبقاء، مثلا (من) في قولك سرت من البصرة إلى الكوفة انما توجد الربط والنسبة بين لفظة السير بما لها من المفهوم، و لفظة البصرة كذلك، ومن المعلوم: ان هذا الربط يدور مدار الاستعمال، فما دام متشاغلا بالاستعمال يكون الربط محفوظا، وبمجرد خروج المتكلم عن موطن الاستعمال ينعدم الربط، وكذلك النداء في قولك: يا زيد انما يكون قوامه بنفس الاستعمال، ويكون قائما بقولك: يا زيد، وليس للنداء الحاصل من القول نحو تقرر وثبوت في وعاء من الأوعية غير وعاء الاستعمال، بخلاف الملكية الحاصلة من قولك بعت، حيث إن لها تقررا في وعاء الاعتبار، فالمعنى الحرفي حدوثا وبقاء متقوم