ملاك واحد، ومع وحده الملاك وانطباقه على كل واحد من الخصال مثلا لا يمكن ان يكون التكليف بكل واحد مشروطا بعدم فعل الآخر، إذ يلزم فعلية جميع التكاليف عند ترك فعل الكل، لتحقق شرط الوجوب في كل واحد، ولازم ذلك تعدد العقاب وهو ضروري البطلان إذ ليس في ترك الواجب التخييري الا عقاب واحد، مع أنه كيف يعقل ان يكون هناك واجبات متعددة فعلية مع وحدة الملاك؟ وهذا بخلاف الاشتراط الناشئ عن تزاحم الخطابين، فان تعدد العقاب لا مانع منه، و فعلية كل من الواجبين لا محذور فيه لتمامية الملاك في كل منهما، كما سيأتي تفصيله في مبحث الترتب انشاء الله تعالى. مع أن ارجاع الواجب التخييري إلى الواجب المشروط خلاف ظاهر الأدلة، حيث إن الواجب المشروط لابد ان يكون مشروطا بأحد أدوات الشرط فتأمل جيدا.
(الوجه الثالث) هو ان الواجب في الحقيقة في الواجب التخييري هو الجامع بين الافراد الذي يؤثر في الملاك الواحد، لوضوح ان المتعدد بما هو متعدد لا يمكن ان يقتضى اثرا واحدا، لان الواحد لا يصدر الا من واحد، فلا بد ان يكون هناك جامع بين الافراد يقتضى الأثر الواحد، ويكون الواجب هو ذلك الجامع، فيرجع التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه فان وجود الجامع بين الافراد وان كان مما لا بد منه فرارا عن المحذور المتقدم، الا انه ليس كل جامع ينفع في التخيير العقلي، بل يعتبر في الجامع ان يكون أمرا قريبا عرفيا يصح تعلق التكليف به بنفسه، بحيث يكون من المسببات التوليدية، بل لا يكفي مجرد كونه سببا توليديا، إذ التسخين يكون من المسببات التوليدية، لكل من الشمس والنار، ومع ذلك ليس بينهما جامع قريب عرفي، وان كان بينهما جامع عقلي لا محالة، وتباين افراد خصال الكفارة عرفا ليس بأدون من تباين الشمس والنار، فلا يمكن ارجاع التخيير بينهما إلى التخيير العقلي، لما عرفت من أنه يعتبر في التخيير العقلي ان يكون الجامع بين الافراد جامعا قريبا عرفيا، كالماء، و