حال الحكم بل لو صدق قبله كفى فيدخل تحت قوله: وأمهات نسائكم، فربما يتخيل انه يرجع إلى الوجه الأول، وهو صدق المشتق على من انقضى عنه المبدء، فهو تكرار لذلك الوجه بعبارة أخرى هذا، ولكن يمكن ان يكون مراده منه، هو انه لا يتوقف الحكم بحرمة أم الزوجة على صدق هذا العنوان حال الحكم، حتى يقال: ان ذلك مبنى على كون المشتق حقيقة فيمن انقضى، بل يكفي في حرمة الام تلبس البنت بالزوجة آنا ما.
والحاصل: انه وان لم يصدق على الام انها أم الزوجة فعلا لخروج الزوجة عن الزوجية، الا انه لا يتوقف الحكم بحرمة الام على صدق الزوجية على البنت في حال صيرورتها اما لها، بل يكفي في الحكم بحرمة أمها ثبوت الزوجية لها في زمان، و هو الزمان الذي قبل الارتضاع من المرضعة الأولى، نظير قوله تعالى: لا ينال عهدي الظالمين، حيث إن التلبس بالظلم في زمان يكفي في عدم نيل العهد وان لم يكن حال النيل ظالما، فتأمل جيدا.
واما الوجه الأخير: فحاصله ان لحمة الرضاع كلحمة النسب، وانه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ومن المعلوم: انه لو تزوج بابنة ثم طلقها، يحرم عليه أمها مع زوال زوجيتها بالطلاق، فكذلك في الام والبنت الرضاعية تحرم الام الرضاعية ولو خرجت البنت عن الزوجية، كما في المقام. وعلى كل حال: فقد خرجنا عما هو المقصود في المقام، من عدم اختصاص المشتق المتنازع فيه بالمشتق الاصطلاحي، وهو ما كان له مصدر حقيقي، بل يجرى في الجوامد التي تكون لها مصادر جعلية إذا كانت من العرضيات لا الذاتيات.
وضابط العرضي هو ما كان متولدا من قيام إحدى المقولات بموضوعاتها، سواء كانت من الأمور المتأصلة في عالم العين، كما إذا كان العنوان متولدا من مقولة الكم والكيف، كالأبيض والأسود، أو كان متولدا من الأمور النسبية، كسائر المقولات السبع: من مقولة الفعل والانفعال والإضافة والجدة وغير ذلك، و سواء كان من الأمور الاعتبارية، أو كان من الأمور الانتزاعية، وسواء كان من