استثناء حمله على الاخراج قبل الاسناد فكان النفي دخل على المستثنى والمستثنى منه، و مرجع الكلام إلى أن المقدار الذي هو عشرة الا درهما ليس على، وبعبارة أخرى:
التسعة ليس على، لان العشرة الا الدرهم هي التسعة. ولا يخفى: انه مع كون كلمة (الا) استثنائية لا يعقل ان يكون الاخراج قبل الاسناد، فإنها يكون حينئذ وصفية، و رفع اشكال التناقض ليس باخراج المستثنى من المستثنى منه قبل الاسناد. وبالجملة:
مع أن القواعد العربية تساعد النصب بعد النفي أيضا، فحمل (الا) على الوصفية لا وجه له. ومجرد كونه مطابقا لأصل البراءة لا يقتضى صرف الكلام عن ظاهره و اخراجه عن كونه اقرارا، فما افاده في الجواهر (1) هو الأقوى، وهو ثبوت الدرهم على كل تقدير من الرفع والنصب.
ثم لا يخفى: انه يمكن ان يكون منشأ توهم أبي حنيفة: كون الموضوع له للفظة (الا) هو الأعم من الصفتية والاستثنائية، والا فإنها لو كانت موضوعة للاستثناء لم يمكن توهم عدم ثبوت المفهوم للقضية. والأمثلة التي ذكرها لعدم الإفادة هي في الإفادة أظهر من عدمها، لان قوله عليه السلام (2) لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، أو الا بطهور - مثلا - لو كان المراد من الصلاة هي الجامعة لجميع الشرائط الا الطهور، فيفيد نفى الصلواتية عن فاقدة الطهور كون الصلاة المفروضة (أي الجامعة مع الطهور) صلاة، ولا محذور فيه. ولو كان المراد من الصلاة الأعم من الجامع والفاقد فاثبات الصلواتية بمجرد وجدان الطهارة وحدها أيضا لا محذور فيه، لان معناه ان الصلاة من هذه الجهة صلاة، ولا ينافي عدم كونها كذلك من جهة فقد سائر الشروط والاجزاء.
وبعبارة أخرى: بناء عليه، الحصر إضافي ولا بأس به.
فتحصل مما ذكرنا: ان القيد لو كان راجعا إلى عقد الوضع والحمل، أي كان التقييد قبل الاسناد، فبانتفاء الموضوع المقيد أو المحمول المقيد لا ينتفى الحكم عن موضوع آخر، وانتفاء الحكم عن هذا الموضوع عقلي لا ربط له بالمفهوم. والسر في