توجبه الجنابة عين ما يوجبه الحيض للزم ان يكون السبب واحدا أيضا ورجوع جميع الأسباب إلى حدث واحد، كموجبات الوضوء، على ما عرفت، لعدم امكان ترتب معلول واحد على علل مختلفة، كما برهن في محله. بل المهم في المقام، انما هو بيان الحكم الأصولي على المسلكين.
فنقول: لو قلنا بالاتحاد، فلا محيص عن الالتزام بالتداخل وعدم تأثير كل ما هو السبب في الظاهر ولو قلنا بأصالة عدم التداخل في الأسباب والمسببات، لعدم قابلية المورد لتعدد الوجود، لان محل النزاع في باب التداخل هو ما لو كان الجزاء المترتب على الأسباب واحدا مفهوما وقابلا للتعدد مصداقا، أو بحكم المتعدد المصداق من التأكيد أو التقييد. والمفروض - بناء على الاتحاد - ان ما يوجبه الجنابة من الغسل عين ما يوجبه الحيض. ولو قلنا بالتباين فلا محيص عن الالتزام بعدم التداخل ولو قلنا بأصالة التداخل في باب الأسباب والمسببات، لما عرفت ان مورد النزاع هو المتحد في المفهوم القابل لتعدد الوجود، ومعنى متحد المفهوم المتعدد في الوجود هو المشترك المعنوي، كالرقبة المترتب عتقها على الافطار والظهار. وهذا بخلاف متباين الحقيقة المترتب أحد المتباينين على سبب كالوضوء مثلا على البول، والمباين الآخر كالكفارة عل سبب آخر كالافطار، فإنه لا معنى في هذا المقام للتداخل.
ثم انه بناء عل التباين، كما هو المختار، فمقتضى القاعدة عدم كفاية غسل واحد عن الأسباب المتعددة، الا انه قام الدليل على أنه لو نوى الجميع بغسل واحد يجزى، كما أنه قام الدليل على كفاية نية الجنابة لجميع الأغسال ولو لم ينو غيرها. فالأول: كقوله في كتاب (1) حريز: إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزئك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة إلى آخر الحديث، فان قوله: إذا اغتسلت - باطلاقه يشمل لو كان المتعدد هو الأغسال المستحبة، أو الواجبة، أو المركب منهما، لا سيما بقرينة ذيل هذا الخبر (فإذا اجتمعت لله عليك أجزئها عنك غسل واحد) واما اعتبار نية الجميع، فلقوله (عليه السلام) (للجنابة والجمعة) الظاهر في لحاظ الجنابة