بدليا، وفى (لا تغصب) مطلق الوجود ويكون الاطلاق فيه شموليا، وكان الاطلاق الشمولي مقدما عند التعارض مع الاطلاق البدلي، حيث إن مقدمات الحكمة في الاطلاق الشمولي موجبة لخروج الافراد عن كونها متساوية الاقدام في الاطلاق البدلي، على ما بيناه في محله (1) فلابد حينئذ من تقييد اطلاق متعلق الامر بما عدا الفرد المجامع للغصب، ويكون المأمور به حينئذ هو الصلاة المقيدة بان لا تكون في الدار الغصبية، وهذا التقييد راجع إلى مرحلة الثبوت والواقع، كما هو الشأن في جميع الاطلاقات والمقيدات، حيث إن دليل المقيد كاشف عن عدم تعلق إرادة الآمر بما تضمنه المطلق، ولا دخل لعلم المأمور وجهله بذلك، فان علم المأمور وجهله انما ينفع في باب التزاحم، لا في باب التعارض، كما تقدم تفصيله في مبحث التزاحم (2) ولازم ذلك هو فساد الصلاة في الدار الغصبية، سواء علم المكلف بغصبية الدار أو لم يعلم، لأنه لم يأت بما هو المأمور به. مع أن الظاهر تسالم الفقهاء على صحة الصلاة في الدار الغصبية عند الجهل بالغصب، وهذا يكشف عن عدم ادراجهم المسألة في صغرى التعارض، وذلك لا يكون الا بالبناء على جواز اجتماع الأمر والنهي. ويدل على ذلك اخذهم في عنوان البحث قيد المندوحة، فان المندوحة لا دخل لها بالتعارض، وانما تنفع في باب التزاحم، لان الضابط في باب التعارض، هو عدم امكان تشريع الحكمين الذين تكفلهما الدليلان في عالم الثبوت والتشريع، كان هناك مكلف أو لم يكن، حصلت القدرة أو لم تحصل، فاعتبار المندوحة لا دخل له بباب التعارض.
نعم: هي تنفع في باب التزاحم، حيث إن التزاحم انما يكون باعتبار القدرة، فيتوهم حينئذ ان القدرة على ايجاد الطبيعة في الجملة تكفى في صحة الفرد المزاحم للأهم أو المضيق، على ما تقدم من مقالة المحقق الكركي وسيأتي توضيحه أيضا.