الا لم يكن مقتولية زيد بمناط مقتولية عمرو، بل زيد انما قتل لمناط يخصه، حسب موجبات قتله من خصوصياته وخصوصيات القاتل، وكذا مقتولية عمرو.
وبالجملة: العبرة في القضية الخارجية، هو ان يكون الحكم واردا على الأشخاص وان كانت بصورة القضية الكلية، مثل كل من في العسكر قتل، فإنه بمنزلة زيد قتل، وعمرو قتل، وبكر قتل، وهكذا.
واما القضية الحقيقية: فهي عبارة عن ثبوت وصف أو حكم على عنوان اخذ على وجه المرآتية لافراده المقدرة الوجود، حيث إن العناوين يمكن ان تكون منظرة لمصاديقها ومرآة لافرادها، سواء كان لها افراد فعلية أو لم يكن، بل يصح اخذ العنوان منظرة للأفراد وان لم يتحقق له فرد في الخارج لا بالفعل ولا فيما سيأتي، لوضوح انه لا يتوقف اخذ العنوان مرآة على ذلك، بل العبرة في القضية الحقيقية هو اخذ العنوان موضوعا فيها، لكن لا بما هو هو حتى يمتنع فرض صدقه على الخارجيات و يكون كليا عقليا، بل بما هو مرآة لافراده المقدر وجودها بحيث كلما وجد في الخارج فرد ترتب عليه ذلك الوصف والحكم، سواء كانت القضية خبرية، أو طلبية، نحو كل جسم ذو ابعاد ثلاثة، أو كل عاقل بالغ مستطيع يجب عليه الحج، فان الحكم في مثل هذا يترتب على جميع الافراد التي يفرض وجودها بجامع واحد وبملاك واحد.
وبذلك تمتاز القضية الخارجية عن القضية الحقيقية، حيث إنه في القضية الخارجية ليس هناك ملاك جامع وعنوان عام ينطبق على الافراد، بل كل فرد يكون له حكم يخصه بملاك لا يتعدى عنه، ومن هنا لا تقع القضية الخارجية كبرى القياس ولا تقع في طريق الاستنباط، لان القضية الخارجية تكون في قوة الجزئية لا تكون كاسبة ولا مكتسبة، فلا يصح استنتاج مقتولية زيد من قوله: كل من في العسكر قتل، لأنه لا يصح قوله: كل من في العسكر قتل، الا بعد العلم بمن في العسكر وان زيدا منهم، وبعد علمه بذلك لا حاجة إلى تأليف القياس لاستنتاج مقتولية زيد، وعلى فرض التأليف يكون صورة قياس لا واقع له، كقوله: زيد في العسكر وكل من في العسكر قتل فزيد قتل، لما عرفت: من أنه لا يصح قوله: كل من في العسكر قتل، الا بعد العلم بقتل زيد، فلا يكون هذا من الأقيسة المنتجة.