واما الانقسامات اللاحقة للمتعلق المترتبة على الحكم، كقصد امتثال الامر في الصلاة مثلا، فامتناع اخذه في المتعلق انما هو لأجل لزوم تقدم الشئ على نفسه في جميع المراحل، أي في مرحلة الانشاء، ومرحلة الفعلية، ومرحلة الامتثال.
اما في مرحلة الانشاء: فالكلام فيه هو الكلام في اخذ العلم في تلك المرحلة، حيث قلنا: انه يلزم منه تقدم الشئ على نفسه، فان اخذ قصد امتثال الامر في متعلق نفس ذلك الامر يستلزم تصور الامر قبل وجود نفسه، وكذا الحال عند اخذه في مقام الفعلية، فان قصد امتثال الامر يكون ح على حذو سائر الشرائط والاجزاء كالفاتحة، ومن المعلوم: ان فعل المكلف إذا كان له تعلق بما هو خارج عن قدرته، فلابد من اخذ ذلك مفروض الوجود ليتعلق به فعل المكلف ويرد عليه، كالأمر في قصد امتثال الامر، فان قصد الامتثال الذي هو فعل المكلف انما يتعلق بالامر، وهو من فعل الشارع خارج عن قدرة المكلف، فلابد ان يكون موجودا ليتعلق القصد به، كالفاتحة التي يتعلق بها القراءة التي هي فعل المكلف، وكالقبلة حيث يتعلق الامر باستقبالها، فلابد من وجود ما يستقبل ليتعلق الامر بالاستقبال، إذ لا يعقل الامر بالاستقبال فعلا مع عدم وجود المستقبل إليه. وفى المقام لابد من وجود الامر ليتعلق الامر بقصده، والمفروض انه ليس هناك الا امر واحد تعلق بالقصد وتعلق القصد به، وهذا كما ترى يلزم منه وجود الامر قبل نفسه كما لا يخفى.
وبالجملة: قصد امتثال الامر إذا اخذ قيدا في المتعلق في مرحلة فعلية الامر بالصلاة فلابد من وجود الامر ليتعلق الامر بقصد امتثاله، مع أنه ليس هناك الا امر واحد، فيلزم وجود الامر قبل نفسه.
واما في مرحلة الامتثال: فكذلك أي يلزم وجود الشئ قبل نفسه، بمعنى انه لا يمكن للمكلف امتثاله لاستلزامه ذلك المحذور، وذلك لان قصد امتثال الامر إذا تعلق الطلب به ووقع تحت دائرة الامر واخذ في المتعلق قيدا على حذو سائر الشروط والاجزاء، فلابد للمكلف من أن يأتي بهذا القيد بداعي امتثال امره، كما يأتي بسائر الاجزاء بداعي امتثال امره، فيلزم المكلف ان يقصد امتثال الامر بداعي امتثال امره، وهذا كما ترى، يلزم منه ان يكون الامر موجودا قبل نفسه،