المقتضية لفساد ما نشك فيها من الموضوعات؛ لتخصيص دليلها بأدلتها فان قوله " لا تنقض اليقين بالشك " عام قد خصص بأدلة تلك القواعد الدالة على عدم الاعتناء بالشك بعد التجاوز والفراغ بالنسبة إلى عمل نفسه، وعلى عدم الاعتناء بالشك في الصحة والفساد بالنسبة إلى عمل غيره.
وكون النسبة بينه وبين بعضها عموما من وجه لا يمنع عن تخصيصه بها، بعد الإجماع على عدم الفصل بين مواردها، كقاعدة الفراغ - مثلا - فإنه: ربما يجري الاستصحاب دون تلك القاعدة، كما لو كان الشك في الصحة والفساد في أثناء العمل من جهة الشك في واجديته لبعض الشرائط المعتبرة فيه؛ مع كون الحالة السابقة عدم تحققه، فهنا يجري استصحاب عدم تحقق الشرط ولا تجري القاعدة، لأنها مخصوصة ببعد العمل، والشك هنا في أثناء العمل.
وربما تجري القاعدة دونه، كما لو شك في صحة الصلاة وفسادها - مثلا - من جهة الشك في أنه هل صلى بلا طهارة أو معها، مع عدم العلم بالحالة السابقة، فأنه من جهة عدم علمه بالحالة السابقة لا يجري استصحاب عدم الطهارة المقتضي لفساد الصلاة، ولكن قاعدة الفراغ تجري، لأنه عمل شك في صحته وفساده بعده.
وربما تجريان معا، كما لو علم بأن حالته السابقة عدم الطهارة، ثم صلى غفلة، ثم شك في أنه صلى بلا طهارة، أو تطهر وصلى، فإنه يجري الاستصحاب والقاعدة في حد نفسها، وتكون القاعدة مقدمة على الاستصحاب فتأمل.
مع أنه لو لم تقدم تلك القواعد على الاستصحاب الجارية في موردها لزم أن يكون جعلها لغوا، إذ قل مورد لا يكون الاستصحاب على خلافها، فإن الشك في إتيان الشيء وعدمه في أثناء العمل بعد التجاوز عن محل ذلك المشكوك مجرى لاستصحاب عدم الإتيان، فلو لم يكن قاعدة التجاوز مقدمة عليه لزم أن يكون جعل القاعدة بلا فائدة.
وكذلك بالنسبة إلى قاعدة الفراغ والصحة فإن الشك في الصحة والفساد غالبا ناشيء إما عن فقد شرط أو وجود مانع، يكون مقتضى الاستصحاب عدم ذلك