المكلف مأمونا من الضرر ويرتفع موضوع حكم العقل. ولا إشكال في عدم لزوم تحصيلها مع ترخيص الشارع، وانما الإشكال في أنه كيف يمكن للشارع الترخيص في ترك تحصيلها؟
وملخص ما يمكن أن يقال في مقام إمكان ترخيص الشارع هو: أنه إذا لم يكن الحكم فعليا من جميع الجهات والحيثيات بحيث لا يزاحمه شيء ويكون المولى بصدد تحصيله من المكلف بأي نحو أمكن ولو بجعل الاحتياط تأسيسا كما في الشبهات البدوية في الموارد الثلاثة، أو إمضاء لحكم العقل كما في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، بل كان فعليا من بعض الجهات بحيث يمكن أن يزاحمه شيء، ولا يكون المولى بصدد تحصيله من المكلف بأي نحو أمكن، فكما يمكن جعل الأمارات المؤدية إلى الواقع تارة والمخطئة عن الواقع أخرى في صورة عدم العلم بالتكاليف الواقعية إذا اقتضى التسهيل على المكلفين عدم جعل الاحتياط فيما لم يكن العقل ملزما بالاحتياط، كذلك يمكن الترخيص في بعض أطراف الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي التي يحكم العقل بلزوم الاحتياط فيها لولا الترخيص من الشارع إذا اقتضى التسهيل ونحوه من المصالح ذلك، ويكون التكليف في مورد جعل الأمارات متوسطا في الفعلية.
فتحصل: أن الاحكام المهتم بها من الشارع التي لا يرضى الشارع بمخالفتها في حال من الأحوال ولو مع الجهل بها بحيث يكون المطلوب من المكلف فعلها أو تركها مطلقا، ومع ملاحظة جميع الطوارئ والعوارض ولا يعارض مصالحها ومفاسدها بعض المصالح والمفاسد التي تعارض غيرها من الأحكام لابد فيها من جعل الاحتياط لئلا يقع المكلف في خلاف الواقع ولو مع الجهل بالتحصيلات الأولية، لما عرفت من عدم رضا الشارع بمخالفتها في حال من الأحوال، ولو في حال الجهل وعدم كفاية التحصيلات الأولية للباعثية والزاجرية في حال الجهل بها، لأن الباعثية والزاجرية متفرعتان على وجودها العلمي لا الخارجي.
وأما الاحكام التي ليس اهتمام الشارع بها بهذه المثابة ويمكن أن يعارض