حرمة الآخر حكم الشارع بإلغاء الاحتمال في كل واحد منهما مع البناء على حرمة الآخر. فهذه الرواية وأمثالها تشمل الشبهات المجردة والمقرونة بالعلم الإجمالي في الحكم بحلية كل واحد من أطراف الشبهة وجواز ارتكابه، إلا أنه في الشبهة المجردة جواز ارتكاب كل واحد لا يحتاج إلى جعل البدل وأن المحرم غيره، وفي الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي يحتاج إلى جعل البدل والالتزام بأن المحرم غيره، وهذا التقيد في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي إنما هو بحكم العقل، وإلا فاللفظ استعمل في معنى واحد، وهو الحكم بحلية كل واحد من أطراف الشبهة.
وأجاب (قدس سره) عن هذا الإشكال بأن الظاهر من الأخبار المذكورة البناء على حلية محتمل التحريم والرخصة فيه لا وجوب البناء على كونه هو الموضوع المحلل، ولو سلم فظاهرها البناء على كون كل مشتبه كذلك، وليس الأمر بالبناء على كون أحد المشتبهين هو الخل أمرا بالبناء على كون المشتبه الآخر هو الخمر، فليس من البدلية عين ولا أثر، فتدبر.
إذا عرفت أنه إذا كان التكليف فعليا من جميع الجهات لا يمكن الترخيص في ارتكاب بعض الأطراف، ولابد من جعل الاحتياط وإذا لم يكن فعليا من جميع الجهات لا مانع من الترخيص في ارتكاب بعض الأطراف وعدم جعل الاحتياط، فلا فرق بين كثرة الأطراف وقلتها، إلا أنه لما كانت كثرة الأطراف ملازمة لما هو مانع عن فعلية التكليف كالحرج ونحوه بخلاف قلة الأطراف فلذا يجب الاحتياط في الثانية دون الأولى، فالفرق بين الشبهة الغير المحصورة والمحصورة في عدم وجوب الاجتناب عن الأطراف في الأولى وجوبه في الثانية إنما هو من جهة التفاوت في المعلوم من حيث الفعلية وعدمها لا العلم، فلو فرض عدم ملازمة كثرة الأطراف لما يمنع عن فعلية التكليف فلابد من الالتزام بوجوب الاحتياط ولو كانت الشبهة غير محصورة، هذا ملخص ما أفاده في الكفاية (1).
ولكن الحق أن التفاوت فيهما إنما هو من جهة العلم لا المعلوم، وذلك لأن