إذا تردد بين كون دينه عشرة دراهم أو عشرين، فإنه لو أدى عشرة خرج عن عهدة التكليف بهذا المقدار، سواء كان دينه في الواقع عشرة أو عشرين.
وقد يكون بين الأقل والأكثر الارتباطيين كما لو دار الأمر بين وجوب السورة في الصلاة وعدمه، فإنه لو أتى بالصلاة بلا سورة وكانت السورة جزءا واقعا لما خرج عن عهدة التكليف أصلا، أما الأقل والأكثر الاستقلاليين فإدخالهما في الشك في المكلف به مسامحة، وإلا فبحسب الحقيقة مرجع الشك فيهما إلى الشك في التكليف، لأن الأقل معلوم التكليف والأكثر مشكوك فيرجع فيه إلى البراءة أو الاشتغال على ما تقدم تفصيله في الشك في التكليف.
ولا إشكال فيه إلا في بعض الموارد والمسائل كمسألة دوران الأمر في الفائتة بين الأقل والأكثر، فإنه قد اختلف فيها، فقيل بجواز الاقتصار على الأقل (1)، وقيل بوجوب تحصيل العلم بفراغ الذمة والإتيان بالأكثر (2)، وقيل بكفاية تحصيل الظن بالفراغ (3). والكلام في هذه المسألة موكول إلى محله.
وإنما الكلام في المقام فيما إذا دار الأمر بين المتباينين أو الأقل والأكثر الارتباطيين ولما كان العلم الإجمالي علما مشوبا بالشك لأنه من جهة القدر المشترك علم ومن جهة الخصوصية شك. وبعبارة أخرى كون العلم تفصيليا أو إجماليا إنما هو باعتبار متعلقه فإن كان متعلقة متميزا ومفصلا فالعلم به علم تفصيلي، وإن كان متعلقه غير متميز فالعلم به علم إجمالي.
فالعلم الإجمالي بالنسبة إلى القدر المشترك علم وبالنسبة إلى الخصوصية شك، فهو علم من جهة وشك من جهة، فمن جهة كونه علما يناسب التكلم فيه في مبحث القطع، ومن جهة كونه جهلا يناسب التكلم فيه في مباحث البراءة والاشتغال، فلذا تكلموا فيه من جهة جواز المخالفة القطعية وعدمه في مبحث القطع، وأحالوا الكلام فيه من جهة وجوب الموافقة القطعية وعدمه إلى هذا المقام.