تثليث المطالب وتربيع المسائل فأدرج المطلبين الأولين في ضمن مطلب واحد ومسائله الأربع في ضمن مسألتين: إحداهما: الشبهة الحكمية التي هي المقصودة بالبحث، والثانية: الشبهة الموضوعية (1)، قد عرفت أن ذكرها استطرادي.
أما جعل المطلبين مطلبا واحدا فلما عرفت من أن الحق عدم الفرق بين الشبهة الوجوبية والتحريمية في جواز الرجوع إلى البراءة وعدمه، وإن قال الأخباريون كلهم أو جلهم بالفرق بينهما (2).
أما جعل المسائل الأربع مسألتين، فلما عرفت أيضا من أنه لافرق بين فقد النص وإجماله وتعارضه، لاشتراك الثلاثة في عدم الحجية المعتبرة على التكليف الذي هو المناط في جواز الرجوع إلي البراءة.
والحاصل أن دوران الأمر بين الوجوب وغير الحرمة ودوران الأمر بين الحرمة وغير الوجوب لما لم يكن بينهما فرق من حيث الأدلة الدالة على جواز الرجوع إلى البراءة تعرض عنهما في الكفاية في ضمن مطلب واحد (3) بخلاف دوران الأمر بين الوجوب والحرمة، فإنه تكلم فيه على حدة من جهة الفرق بينه وبينهما وجعل المسائل الأربع مسألتين (4)، فمن جهة عدم الفرق في الشبهة الحكمية بين الصور الثلاثة المذكورة - أعني فقد النص واجماله وتعارضه - جعل المسائل الثلاث مسألة واحدة.
ولما فرغ عنها تعرض للمسألة الثانية أعني الشبهة الموضوعية لا مطلقا، بل التحريمية منها في تنبيهات المسألة الأولى فقال: إنه لا يخفى أن النهي عن شيء إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو مكان بحيث لو وجد في ذاك الزمان أو المكان ولو دفعة لما امتثل أصلا كان اللازم على المكلف إحراز أنه تركه بالمرة ولو بالأصل، فلا يجوز الإتيان بشيء يشك معه في تركه إلا إذا كان مسبوقا به ليستصحب مع الإتيان.