الفقه يقف عليها المتدبر. والسر في ذلك أن حجية الأصل في النفي والعدم إنما هو من حيث لزوم قبح تكليف الغافل كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى، وهذا لا يجري في اثبات الحكم به، ولا دليل سوى ذلك، فيلزم اثبات حكم لا دليل.
إذا تقرر ذلك فاعلم أن البراءة الأصلية في قسمين: (أحدهما) - أنها عبارة عن نفي الوجوب في فعل وجودي إلى أن يثبت دليله. بمعنى أن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت دليله. وهذا القس مما لا خلاف ولا اشكال في صحة الاستدلال به والعمل عليه، إذ لم يذهب أحد إلى أن الأصل الوجوب، لاستلزام ذلك تكليف ما لا يطاق وللأخبار الدالة على أن " ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم " (1) و " الناس في سعة ما لم يعلموا " (2) و " رفع القلم عن تسعة أشياء. وعد منها