وعلى تقدير استفادة هذا المعنى من الأخبار لاوجه للإيراد بأن الاستحباب حكم شرعي كالوجوب، ولا يثبت إلا بدليل قوي معتبر، لما ذكرنا من إمكان اختلاف الشرائط بالنسبة إلى الأحكام الإلزامية وغيرها، إذ يمكن أن يكتفي الشارع في إثبات الأحكام الغير الإلزامية بأخبار من لا يعلم كذبه - مثلا - لعدم أهميتها، ولا يكتفي في إثبات الأحكام الإلزامية إلا بإخبار المؤمن العادل - مثلا - لأهميتها، كما ترى هذا الاختلاف في إثبات الموضوعات فإنه اكتفى في إثبات بعضها بعدلين (1)، وفي بعضها بشاهد وامرأتين (2)، أو بشاهد ويمين (3)، وفي بعضها أعتبر أربعة رجال (4)، لأهميتها. فلا يبعد بحسب الاعتبار والاستحسان العقلي - لو كنا عالمين به - أن يكون حال الأحكام أيضا كالموضوعات.
فعلى هذا يصير هذا الفعل الذي دل الخبر الضعيف على استحبابه مستحبا شرعا، ومعنى التسامح حينئذ هو عدم اعتبار الشارع في الخبر الدال على استحباب شيء ما اعتبره في الخبر الدال على وجوب شيء، واستحباب الفعل يثبت على هذا بهذا الخبر الضعيف لا بتلك الأخبار.
ويحتمل أن يكون مفادها استحباب الفعل الذي بلغ عليه الثواب بهذا العنوان الثانوي وهو بلوغ الثواب عليه وإن لم يكن مستحبا بعنوانه الأولي، فيكون ترتب الثواب عليه كاشفا عن تعلق الأمر الشرعي به كما هو مدعى القائلين بالتسامح في أدلة السنن كما يشعر به قوله في بعض الأخبار وإن كان رسول الله لم يقله (5) وأمثاله من العبائر التي في هذه الأخبار.
ويحتمل أن يكون مفادها إعطاء الثواب الموعود من جهة عنوان الانقياد من