أنه لا شبهة في استحقاق الثواب فيما إذا احتاط وأتى أو ترك بداعي احتمال الأمر أو النهي.
وربما يشكل جريان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب من جهة أن العبادة لابد فيها من نية القربة المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا، وليست كالتوصليات في حصول الاحتياط فيها بمجرد الإتيان بما احتمل وجوبه وترك ما احتمل تحريمه، بل لابد فيها من قصد القربة وإتيانها بداعي الأمر، وهو موقوف على العلم بالأمر وهو مفقود، فلو أتى المكلف بما احتمل وجوبه وعباديته بداعي الأمر مع عدم علمه به لكان تشريعا محرما، ولو أتى به بلا داعي الأمر لما كان احتياطا في العبادة، لأن الاحتياط في العبادة هو أن يأتي بها بجميع ما اعتبر فيها التي من جملتها قصد الأمر، فإتيانها بدون داعي الأمر لغو محض مطلقا، سواء كان إتيانها مطلوبا واقعا أم لا.
وقد تصدى بعض لدفع هذا الإشكال بأن من حسن الاحتياط عقلا نستكشف بقاعدة الملازمة الأمر الشرعي (1) بإتيان ما احتمل كونه عبادة، وهو كاف في عباديته فيما أتى بقصده.
وفيه: أن هذا الأمر متوقف على ثبوت الاحتياط توقف العارض على المعروض، فكيف يعقل أن يكون من مبادئ ثبوته. وبعبارة أخرى أن الأمر الشرعي المستكشف من حسن الاحتياط بقاعدة الملازمة موضوعه الاحتياط، فلابد أن يكون الموضوع متحققا حتى يتعلق به الأمر، فإذا كان الموضوع متوقفا على الأمر - كما هو المفروض - فلا يمكن أن يكون هذا الأمر محققا للموضوع، لاستلزامه الدور.
فلابد أن يكون أمر آخر محققا للموضوع حتى يتحقق به موضوع الاحتياط في العبادة حتى يتعلق به الأمر المستكشف بقاعدة الملازمة، والمفروض أنه غير معلوم.
وبعض آخر تصدى لدفع هذا الإشكال بأن ترتب الثواب على فعل الاحتياط