وفيه: أن التوقف عن ترجيح الراجح أيضا قبيح، كترجيح المرجوح (1).
فالأولى الجواب أولا: بالنقض بكثير من الظنون المحرمة العمل بالإجماع أو الضرورة.
وثانيا: بالحل، وتوضيحه: تسليم القبح إذا كان التكليف وغرض الشارع متعلقا بالواقع ولم يمكن الاحتياط، فإن العقل قاطع بأن الغرض إذا تعلق بالذهاب إلى بغداد وتردد الأمر بين طريقين، أحدهما مظنون الإيصال والآخر موهومه، فترجيح الموهوم قبيح، لأنه نقض للغرض، وأما إذا لم يتعلق التكليف بالواقع أو تعلق به مع إمكان الاحتياط، فلا يجب الأخذ بالراجح، بل اللازم في الأول هو الأخذ بمقتضى البراءة، وفي الثاني الأخذ بمقتضى الاحتياط، فإثبات القبح موقوف على إبطال الرجوع إلى البراءة في موارد الظن وعدم وجوب الاحتياط فيها، ومعلوم أن العقل قاض حينئذ بقبح ترجيح المرجوح (2)، فلا بد من إرجاع هذا الدليل إلى دليل الانسداد الآتي (3)، المركب من بقاء التكليف، وعدم جواز الرجوع إلى البراءة، وعدم لزوم الاحتياط، وغير ذلك من المقدمات التي لا يتردد الأمر بين الأخذ بالراجح والأخذ بالمرجوح إلا بعد إبطالها.