لكن الإنصاف أن ما ذكر بأكمله في توجيه كلام الشيخ (قدس سره) اجتهاد في مقابل النص، لصراحة كلامه في أن العقاب على مخالفة هذا الحكم الظاهري النفسي، وإلا لا يمكن دفع الإشكال بقوله: وصريح الأخبار إرادة الهلكة الأخروية الموجودة في الواقع على تقدير الحرمة الواقعية، لأنه لو كان طريقيا كانت هلكته هلكة الواقع كما اعترف به في أوامر الطرق، فالأولى في مقام دفع الإشكال هو العدول عن جواب الشيخ إلى جواب صاحب الكفاية، لأن جواب الشيخ إن أبقي على ظاهره وإن كان وافيا بدفع الإشكال إلا أنه يرد عليه إشكال صاحب الكفاية، وهو قوله: " إن ايجاب الاحتياط طريقي... (1) إلى آخره " وإن صرف عن ظاهره لم يكن وافيا بدفع الإشكال، وأما جواب صاحب الكفاية (قدس سره) فهو واف بدفع الإشكال ولا يرد عليه إشكال.
وحاصله: أن المستكشف بأخبار التوقف إن كان هو ايجاب الاحتياط فهو لا ينفع في استحقاق العقاب، لأنه عقاب على المجهول وإن كان ايجاب الاحتياط الواصل المعلوم فهو ليس بمستكشف، إذ لا ملازمة بين إيجاب الاحتياط وبين العلم به، فتأمل.
فتحصل: أن أكثر أخبار التوقف واردة في مقام الردع والسكوت عن الفتوى والحكم والرواية بغير علم، ونحن نقول بمؤداها، ولكن لا ربط لها بمحل النزاع، وبعضها ورد في مقام المنع عن ارتكاب الشبهة في مورد التمكن عن رفع الشبهة بالرجوع إلى الإمام (عليه السلام) أو إلى الطرق المنصوبة، ولا كلام فيه، وبعضها ورد في مقام المنع عن ارتكابه قبل الفحص أو الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، ولا كلام فيها أيضا، وبعضها ورد في الأمور الاعتقادية التي لم يرد الشارع فيها التدين بغير العلم، وهو أيضا خارج عن محل الكلام.
وعلى تقدير شمولها أو بعضها لمحل النزاع لابد من تخصيصها عقلا بأحد هذه