ايجاب الاحتياط واقعا وإن كانت ثابتة إلا أنها غير نافعة في خروج العقاب عن كونه بلا بيان والملازمة بين الأمر بالتوقف والعلم بايجاب الاحتياط وإن كانت نافعة، إلا أنها غير ثابتة، إذ يمكن ايجاب الاحتياط مع عدم العلم به.
ولكن لا يخفى أنه يمكن أن يكون مراد الشيخ (1) من الحكم الظاهري النفسي هو الحكم الطريقي لا النفسي المقابل للطريقي، بل النفسي بمعنى المولوي الذي هو أعم من الطريقي وغيره، ومن كون العقاب على مخالفته أنه مصحح للعقاب على الواقع، فكما يمكن أن يقال للمكلف التارك للواجب الواقعي: لم تركت الواقع؟
يمكن أن يقال: لم تركت العمل بالاحتياط الذي هو طريق إحراز الواقع أي استيفائه؟ فالعقاب على مخالفته بما أن مخالفته مخالفة الواقع عند المصادفة لا بما أن مخالفة الأمر الطريقي في حد نفسه موجبة لاستحقاق العقاب، كيف لا يكون مراده ذلك؟ والحال أنه في تمام الأوامر الطريقية من الأمارات والأصول لا يقول باستحقاق العقاب على مخالفتها في حد نفسها، كما لا يخفى.
فحاصل جوابه (قدس سره) هو أن الأمر بالاحتياط المستكشف إنا بأوامر التوقف إن كان أمرا إرشاديا كأوامر التوقف، فالكلام فيه هو الكلام فيها، وإن كان أمرا ظاهريا نفسيا أي مولويا طريقيا فالعقاب على مخالفته عند مخالفة الواقع، لأنه عقلا مما يصح أن يحتج به على المؤاخذة في مخالفة الواقع، فلابد أن يكون للواقع مع قطع النظر عن هذا الأمر الطريقي عقاب وهلكة حتى يترتب العقاب على مخالفة هذا الأمر الطريقي، لأن مخالفته مخالفة الواقع، والفرض أن الواقع مع قطع النظر عنه لا يترتب عليه عقاب، فهذا الأمر الطريقي كالأمر الإرشادي لا أثر له.
وبالجملة فهذا الأمر المستكشف إما إرشادي أو طريقي أو نفسي غير طريقي والأولان لا أثر لهما في استحقاق العقاب بأنفسهما، بل هما تابعان للمرشد إليه، والواقع، والثالث وإن كان موجبا لاسحتقاق العقاب، إلا أن العقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع. والحال أن صريح الأخبار خلاف ذلك.