والحاصل: أنهم يعملون بخبر الثقة بمجرد احتمال مطابقته للواقع فيما لم يحرزوا أنه إخبار عن حدس، ولم يكن هناك أمارة عليه، لكن الإجماعات المنقولة في السنة الأصحاب غالبا مبنية على حدس الناقل، أو اعتقاد الملازمة عقلا فلا اعتبار لها ما لم ينكشف أن نقل السبب كان مستندا إلى الحس، فلابد في الإجماعات المنقولة بألفاظها المختلفة من استظهار مقدار دلالة ألفاظها ولو بملاحظة حال الناقل من كثرة تتبعه وقلته وخصوص موضع النقل، فيؤخذ بذاك المقدار ويعامل معه كأنه المحصل، فإن كان بمقدار تمام السبب فهو، وإلا فلا يجدي ما لم يضم إليه مما حصله أو نقل له من سائر الأقوال أو سائر الأمارات بأنه تم، فإذا نقل الشخص أن المسألة إجماعية واستظهر المنقول إليه أن الناقل قد اطلع على رأي مائة من العلماء عن حس وادعى الإجماع بواسطة اعتقاده الملازمة بين فتوى المائة ورأي الإمام (عليه السلام) فيجعل المنقول إليه هذا المقدار من فتاوى العلماء كالمحصل، فإن كان هذا المقدار من الفتاوى ملازما لقول الإمام (عليه السلام) باعتقاد المنقول إليه فهو، وإلا فلا يجدى ما لم يضم إليه مما حصله أو نقل إليه من سائر الأقوال والأمارات بمقدار ما هو تمام السبب، فلو كان فتوى مائتين من العلماء ملازما لقول الإمام (عليه السلام) بنظر المنقول إليه فلابد من ضم فتوى مأئة أخرى إلى ما نقل له في المثال المذكور إما بتحصيل فتاويهم بنفسه أو بنقل آخر حتى يتم السبب عنده، أو ضم أمارات أخر ليحصل له القطع الحدسي من مجموع ما نقل له من فتاوى العلماء ومن هذه الأمارات بقول الإمام (عليه السلام).
فتلخص بما ذكرنا أن الإجماع المنقول بخبر الواحد من جهة حكايته رأي الإمام (عليه السلام) بالتضمن أو الالتزام كخبر الواحد في الاعتبار إذا كان من نقل إليه ممن يرى الملازمة بين رأيه وما نقل له من الأقوال بنحو الجملة والإجمال وتعمه أدلة اعتباره وينقسم بأقسامه ويشاركه في أحكامه، وإلا لم يكن مثله. ولابد من ضم ما يكون تمام السبب عنده وأما من جهة نقل السبب فهو في الاعتبار بالنسبة إلى مقدار من الأقوال التي نقلت إليه على الإجمال بألفاظ نقل الإجماع مثل ما إذا