الخلاف تظهر في مسألة الحكومة والورود كما سيجئ إن شاء الله في محلها.
وأما إذا كان الشك من جهة احتمال قرينية الموجود كالشهرة في المجاز المشهور ووقوع الأمر عقيب الحظر وأمثالهما ففيه إشكال. والحق هو التفصيل بينما إذا اقترن محتمل القرينية بالكلام وبين ما إذا انفصل عنه بالإجمال في الأول وعدمه في الثاني، والفاصل هو العرف وبناء العقلاء لبنائهم على الرجوع إلى أصالة الحقيقة في الثاني دون الأول بلا فرق بين القول بحجية الظواهر من باب الظن الشخصي أو من باب الظن النوعي أو من باب بناء العقلاء. هذا فيما إذا كان الشك في المراد من جهة الشك في وجود القرينة أو قرينة الموجود بعد احراز الوضع.
وأما لو كان الشك فيه من جهة الشك في أصل الوضع، وأن الموضوع له لهذا اللفظ لغة أو المفهوم منه عرفا أي شيء؟ فهل هناك أصل أو أمارة معتبرة بالخصوص كالأصول المعتبرة في مقام الشك في تعيين المراد بعد إحراز الوضع أم لا؟ وبعبارة أخرى كما أن العمل بالظهورات الفعلية - أعني الأصول المرادية - خرج عن تحت أصالة حرمة العمل بالظن من جهة استقرار طريقة العقلاء على التمسك بالظواهر في مقام تعيين المرادات، والشارع لم يردع عنها، ونفس عدم ردعه كاف في إمضاء تلك الطريقة في تعيين مراداته من خطاباته، وإلا لابد من اختراع طريقة أخرى غير الطريقة المتعارفة عند العرف، وإلا لزم سد باب الإفادة والاستفادة من خطاباته، فهل العمل بالظهورات الاقتضائية - أعني الأصول الوضعية - كأصالة عدم النقل وأصالة عدم الاشتراك وأماراتها مثل قول اللغوي في إثبات الوضع خرج عن تحت أصالة حرمة العمل بالظن أم لا؟
نسب إلى المشهور حجية قول اللغوي في تعيين الوضع، وأنه من الظنون الخاصة الخارجة عن تحت أصالة حرمة العمل بالظن كالأصول المرادية. واستدل لهم باتفاق العلماء بل العقلاء على ذلك، حيث يستشهدون بقول اللغوي بلا إنكار من أحد ولو مع المخاصمة واللجاج، وعن بعض دعوى الإجماع على ذلك (1).