من عرفه بتعريف غير مفهومه عند من عرفه بتعريف آخر فلا محالة يختلف الحكم أيضا كما في تعريف الغنا - مثلا - فإنه بناء على تعريفه بترجيع الصوت مع الطرب أو نفس ترجيع الصوت بدون الطرب يختلف الحكم.
وأما الأحكام المترتبة على العام كجواز التمسك بالعام المخصص أو عدم جواز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص أو كون العام المخصص بالمجمل حجة أو ليس بحجة وغيرها من الأحكام فلا تختلف باختلاف هذه التعاريف، فمنه يستكشف أن معنى العام عند الكل شيء واحد لا خلاف فيه، وهذه التعاريف ليست تعاريف حقيقية وإلا لاختلفت حقيقة العام باختلافها، وباختلاف حقيقته تختلف الأحكام المترتبة عليه كما في الغناء، وإنما الغرض من تعريفه بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في أنها أفراد العام ليشار به إليه في المقام لإثبات ما له من الأحكام لا بيان ما هو حقيقته وماهيته، لعدم تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محل الكلام من أفراده ومصاديقه التي هي المتعلقة للأحكام لا مفهوم العام بما هو مفهوم عام فإنه ليس متعلقا للحكم (1) من الأحكام فلذا لا يحتاج الأصولي إلى إتعاب النفس في تشخيص الصحيح من هذه التعاريف عن سقيمها لعدم ترتب ثمرة عملية عليه، بخلاف التعاريف الحقيقية كتعريف الغناء ونحوه فإنه يحتاج إلى هذا الأتعاب لترتب الثمرة العملية واختلاف الحكم بواسطة اختلاف التعاريف.
ثم لا يخفى أن العموم والخصوص من صفات اللفظ وكيفياته باعتبار الدلالة، واتصاف المعنى بهما إنما هو بتبع اللفظ عكس الكلية والجزئية باصطلاح المنطقي فأنهما من صفات المعنى واتصاف اللفظ بهما إنما هو بتبع المعنى، فإن الكلي عبارة عن معنى ومفهوم لا يمتنع فرض صدقه على الكثيرين والجزئي بخلافه، وأيضا أن العموم والخصوص كالسلب والإيجاب من الكيفيات الطارئة على اللفظ