أنه لا إله ممكن إلا الله، فتدل على صرف إمكانه تعالى لا على وجوده، وعلى أي حال يلزم عدم دلالة كلمة التوحيد عليه.
والجواب عنه: أن المقصود من هذه الكلمة هو التوحيد العبادي لا التوحيد الذاتي، لأنهم كانوا قائلين به كما في الآية الشريفة: ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ (1) وإنما كانوا منكرين للتوحيد العبادي فمعناها أنه لا معبود بالحق موجود إلا الله، وعلى هذا لا يلزم الإشكال المتقدم.
نعم بناء على قول أبي حنيفة المنكر للمفهوم وكون الاستثناء من النفي اثباتا، وبالعكس يلزم أن يكون القائل بهذه الكلمة نافيا لمعبودية غير الله، وساكتا عن إثبات معبوديته تعالى، وله أن يجيب عن هذا الإشكال بأنه يمكن أن يكتفى منهم في أول البعثة بهذا القدر، وهو نفي استحقاق العبودية عن غير الله وإن لم يثبتوه له تعالى أو يقول: إن معبوديته تعالى كانت مسلمة وإنما كان المقصود نفي معبودية غيره تعالى، فلذا اكتفى منهم بنفي معبودية غيره، فتأمل.
والحاصل: أن هذه الكلمة إنما تدل على التوحيد العبادي ولا تدل على التوحيد الذاتي، وبعبارة أخرى أن مفاد هذه الكلمة هو نفي معبودية غيره تعالى وإثبات معبوديته تعالى بناء على القول بثبوت المفهوم أو نفي معبودية غيره فقط والسكوت عن معبوديته تعالى بناء على القول بعدم المفهوم كما قال به أبو حنيفة، وهذا القدر يكفي في التوحيد العبادي، لأن استحقاق معبوديته تعالى كان مسلما عند الكل وإنما المقصود نفي معبودية غيره وليس مفادها التوحيد الذاتي أي الإقرار بأصل وجود الصانع إلا من باب الاستلزام وإنما اللفظ الدال على إقرار الصانع أنا مقر بالصانع ونحوه، فتأمل.
فتحصل: أن من جملة المفاهيم مفهوم الحصر ولا إشكال في أن استفادة المفهوم من الحصر فيما إذا كان الحصر حقيقيا من القضايا التي قياساتها [معها]، لأن معنى الحصر الحقيقي انحصار الحكم بمورد ونفيه عن غيره، وهذا هو معنى