فيها وبين ما لم يكن كذلك فيعتبر دخله فيها، لأنه لو لم يكن مغفولا عنها لو كان معتبرا في الطاعة ولم يبينه لا يلزم إخلاله بغرضه لإمكان الايكال إلى حكم العقل، ولكن هذا في الحقيقة ليس تفصيلا في المقام، بل تسليم لكون المرجع عند الشك هو الاشتغال، إلا أنه لو كان الأمر المشكوك دخله في تحقق الطاعة مغفولا عنه عند العامة ومع ذلك لم يبين المولى دخله في الطاعة يحصل القطع بعدم دخله فيها.
ولكن الحق في المقام هو الرجوع إلى البراءة، لأنه لا اختصاص لأدلة البراءة من قبح العقاب بلا بيان وغيره بما إذا كان الشك في التكليف أو في حدود المكلف به، بل يمكن التمسك لنفي العقاب على أمر كان بيانه بيد الشارع ولم يبين، سواء كان الشك في التكليف أو في حدود المكلف به أو فيما يرجع إلى الطاعة، إذ لا إشكال في أنه لو كان قصد الأمر معتبرا في الطاعة لكان بيانه على الشارع، وإذا لم يبين كان العقاب عليه عقابا بلا بيان، فتأمل.
فتحصل: أن الاشتغال هو المرجع بلا حاجة إلى إقامة دليل عليه في الشك في أصل التكليف فضلا عن الشك في المكلف به أو في حدوده، لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، فلو قام دليل على البراءة وصار مؤمنا فهو، وإلا فلابد من الرجوع إلى الاشتغال، وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان (1)، فلا تجري البراءة في المقام، لعدم الانحلال، لأن قصد الأمر ليس كسائر الأجزاء والشرائط قابلا لأخذه في متعلق الأمر حتى يوجب انحلال التكليف بالنسبة إليه وإن كان من جهة أن كل شيء لابد من بيانه على المولى ولم يبين يقبح العقاب على تركه لو كان دخيلا في المكلف به، والأجزاء والشرائط أيضا من هذه الجهة يرجع فيها إلى البراءة لا لخصوصية في الانحلال، ففي المقام يرجع إليها، لأن قصد الأمر لو كان دخيلا لكان دخله شرعيا، ويمكن للشارع بيانه كما بين بالنسبة إلى العبادات المعلومة، إذ لم نعلم عباديتها إلا من بيان الشارع، فإذا أخذ بحكم العقل بقبح العقاب على تركه - والظاهر هو الأخذ - وأنه لا إشكال بأنه إن كان دخيلا في الغرض فلا يحصل