عالما أو عادلا أو هذا الماء كان كرا فنستصحب، وهذا الشخص أو هذا الماء لم يكن حاله مشكوكا لا في الزمان السابق ولا في هذا الزمان حتى يكون الشك في بقاء الموضوع من جهة تغيير في بعض الخصوصيات المعتبرة فيه ويجري فيه الاستصحاب.
بل الشك في بقاء الموضوع من جهة الشك في أن مفهوم العالم هو خصوص المتلبس بالمبدأ حتى يكون الموضوع غير باق قطعا أو الأعم حتى يكون باقيا قطعا، وكذا مفهوم العدالة عبارة عن ملكة الاجتناب عن الأمور الثلاثة حتى تكون مرتفعة يقينا، أو الاجتناب عن الكبائر والاصرار على الصغائر حتى تكون باقية يقينا، وكذا مفهوم الكر عبارة عن ألف ومائتي رطل بالعراقي حتى يكون باقيا، أو بالمدني أو المكي حتى يكون غير باق يقينا، وهذا الشك ليس شكا في بقاء الموضوع حقيقة ولو عبر بأنه شك في الموضوع كان مغالطة، لأن خصوصياته في الحالين معلومة فالشك هنا في الحقيقة ليس شكا في مرحلة البقاء، بل في مرحلة الحدوث، لأنه لو كان هذا الشخص من أول الأمر كذلك أي كان مما انقضى عنه المبدأ حين الوقف - مثلا - لكان شمول الوقف له مشكوكا وكذا في المثالين الأخيرين.
والحاصل: أن الاستصحاب الموضوعي إنما يجري فيما إذا كان الشك في بقائه من جهة الشبهة الموضوعية والشك في الخصوصيات المعتبرة فيه وعدم العلم بحاله في حال الشك، وأما إذا كان الشك في بقائه من جهة الشبهة المفهومية مع العلم بحاله وخصوصياته في حال الشك فلا يجري فيه الاستصحاب الموضوعي، لأنه لو كان من أول الأمر بهذه الخصوصية لكان مشكوكا أيضا، فالشك في الحقيقة ليس شكا في البقاء.
وإذا لم يكن المقام مجرى الاستصحاب الحكمي ولا الاستصحاب الموضوعي فلا بد من الرجوع إلى أصل آخر من البراءة أو الاحتياط أو التخيير على حسب اختلاف الموارد إن أمكن، وإلا فإلى شيء آخر من حكم الحاكم أو