الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) * -:
فمن لم يدله خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، ودوران الفلك بالشمس والقمر، والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا هو أعظم منه، * (فهو في الآخرة أعمى) * قال: فهو عما لم يعاين أعمى وأضل سبيلا (1).
- الإمام الرضا (عليه السلام) - أيضا -: يعني أعمى عن الحقائق الموجودة (2).
- الإمام الصادق (عليه السلام) - وقد سأله زنديق: ما الدليل على صانع العالم؟ -: وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده! (3).
- عنه (عليه السلام): أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه تهيئة هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه، فإنك إذا تأملت العالم بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وكل شئ فيها لشأنه معد، والإنسان كالمملك ذلك البيت، والمخول جميع ما فيه، وضروب النبات مهيأة لمآربه، وصنوف الحيوان، مصروفة في مصالحه ومنافعه، ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة، ونظام وملائمة، وأن الخالق له واحد (4).
- الإمام علي (عليه السلام): ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة والأبصار مدخولة.
أفلا ينظرون إلى صغير ما خلق؟ كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر؟
انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها وضنت على رزقها...
لو فكرت في مجاري أكلها، وفي علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها واذنها، لقضيت من خلقها عجبا ولقيت من وصفها تعبا...
فانظر إلى الشمس والقمر، والنبات والشجر، والماء والحجر، واختلاف الليل والنهار، وتفجر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال، وتفرق هذه اللغات والألسن المختلفات.
فالويل لمن أنكر المقدر، وجحد المدبر، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع، لم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا، ولا تحقيق لما وعوا، وهل يكون بناء من غير بان أو جناية من غير جان؟! (5).