____________________
فلك زحل وليس فيه غيره، وهذه السبعة الكواكب يقال لها السيارة ومن وراء فلك زحل فلك الكواكب الثابتة وهو يشتمل على ما سوى السبعة المذكورة من الكواكب ويسمى فلك البروج، وفلك الثوابت لكونه مكانا لها ولتسميتهم كواكبه بالثوابت إما لبطؤ حركتها فلا تحس، وإما لثبات أوضاع بعضها من بعض فإنا نجد دائما وضعا (1) معينا ثابتا بين النسر الطائر والنسر الواقع ويسمى في الشرع بالكرسي، ومن ورائه الفلك المحيط لإحاطته بجميع الأفلاك ويسمى فلك الأفلاك، والفلك الأعظم والفلك الأطلس لأنه غير مكوكب إما لخلوه من الكواكب أو لعدم إدراكنا لما فيه منها إن كان وهو المسمى بالعرش المجيد في لسان الشرع، وهذا الفلك دائم الدوران كالدولاب يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض في كل يوم وليلة دورة واحدة ويدير سائر الأفلاك والكواكب معه كما قال عز اسمه «وكل في فلك يسبحون (2)، وسائر الأفلاك يدور كل منها بحركته المختصة به من المغرب إلى المشرق فوق الأرض، ومن المشرق إلى المغرب تحت الأرض بدليل إن الهلال يرى في الليلة الأولى في مكان وفي الثانية ينتقل إلى مكان آخر أخذا إلى جهة الشرق وهكذا إلى آخر الشهر حتى يتم بفلكه الدورة وهي أن يعود إلى النقطة التي كان عليها أولا فكأن لكل فلك من الأفلاك الثمانية دورتان ذاتية وهي التي من المغرب إلى المشرق وقسرية وهي التي من المشرق إلى المغرب وشبهوا ذلك بنملة على رحى، فالرحى تسعى إلى جهة اليمين مثلا والنملة إلى جهة اليسار فللنملة حركتان ذاتية وقسرية وإنما سميت هذه الحركة العظمى قسرية لأنها تقسر الأفلاك وتدور بها إلى غير جهة حركتها الذاتية عكسا، وهذه الحركة هي التي ترى بها الشمس كل يوم في شروق وغروب وإلا ففلكها لا يتم الدورة إلا في قريب من سنة كما تقدم.