لأنها حدثت في ماله ووجدنا من تلقى السلع فابتاع وإن كان منهيا عن ذلك فان الله تعالى لم يجعل للبائع خيارا الا بعد دخوله إلى السوق ولم يجعل له قبل ذلك خيارا فصح أن البيع صحيح وإن كان منهيا عن التلقي ولم ينه عن الابتياع لان التلقي غير الابتياع فهما فعلان، أحدهما غير الآخر نهى عن أحدهما ولم ينه عن الآخر لكن جعل البائع خيار في رده أو امضائه ولو وقع فاسدا لبطل جملة فوجب بذلك أن الغلة للمشترى في رد البائع البيع أو اجازته ووجدنا [أيضا] (1) من وجد عيبا لم يبين له به ولا شرط السلامة منه له الخيار أيضا في امضاء البيع أو رده فعلمنا أن البيع وقع صحيحا إذ لو وقع فاسدا لم يجز امضاؤه فوجب أيضا أن الغلة له رد أو اخذ وبقى أمر الشفيع فوجدناه بخلاف كل ما ذكرنا من البيوع لأنه لم يأت نص بالمنع من البيوع المذكورة بل جاء النص بإجازتها كما قدمنا وبان الدليل بأنها وقعت صحيحة ووجدنا من يمكنه ايذان شريكه فقد جاء النص بأنه لا يصلح له أن يبيع حتى يؤذنه فلو لم يكن الا هذا اللفظ وحده لوجب بطلان العقد بكل حال لكن لما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشريك أحق وأباح له الاخذ أو الترك وجب أنه مراعى كما ذكرنا فان أخذ فقد علمنا أنه لم يمض ذلك العقد بل أبطله فصح أنه أنعقد فاسدا فلزمه رد الغلة وان ترك الاخذ فقد أجازه فصح أنه انعقد جائزا، وأما من لم يمكنه الايذان فلم يأت النص فيه بأنه لا يصلح وقد أحل الله البيع الا أن للشريك الاخذ أو الترك فان أخذ فحينئذ بطل العقد لا قبل ذلك فالغلة للمشترى ههنا على كل حال وبالله تعالى التوفيق * 1598 مسألة والشفعة واحدة للبدوي. وللساكن في غير المصر وللغائب وللصغير إذا كبر. وللمجنون إذا أفاق. وللذمي بعموم قوله عليه السلام: فشريكه أحق به، وقد قال قوم من السلف: لا شفعة. قال الشعبي: لا شفعة لمن لا يسكن المصر ولا لذمي، وقال أحمد بن حنبل: لا شفعة لذمي، وقال النخعي: لا شفعة لغائب وقاله أيضا الحارث العكلي. وعثمان البتي قالا: الا القريب الغيبة، وقال ابن أبي ليلى:
لا شفعة لصغير، وما نعلم لمن منع من ذلك حجة أصلا وبالله تعالى التوفيق * فان ترك ولى الصغير أو المجنون الاخذ بالشفعة فإن كان ذلك نظرا لهما لزمهما لأنه فعل ما أمر به من النصيحة لهما وإن كان الترك ليس نظرا لهما لم يلزمهما ولهما الاخذ أبدا لأنه فعل ما نهى عنه من غشهما * 1599 مسألة فان باع الشقص بعرض أو بعقار لم يجز للشفيع (2) أخذه الا بمثل ذلك العقار أو مثل ذلك العرض فإن لم يقدر على ذلك أصلا فالمطلوب مخير