وأوكد في المنع من السلم من غير كيل أو وزن ولئن كان القياس على المكيل. والموزون والمذروع. والمعدود جائزا فان قياس جواز الحلول والنقد على جواز الأجل أولى فظهر فساد قولهما بيقين لا شك (1) فيه بل المنع من السلف في غير المكيل والموزون أوضح لأنه جاء بلفظ النهى ولا يجوز القياس عند القائلين به إذا خالف النص، وأما الشافعي فأجاز: السلم حالا قياسا على جوازه إلى أجل وأجاز السلم في كل شئ قياسا على المكيل والموزون فانتظم خلاف الخبر في كل ما جاء فيه وكان أطردهم للقياس وأفحشهم خطأ، فان قيل: إن السلم بيع استثنى من جملة بيع ما ليس عندك قلنا: هذا باطل لأنه دعوى بلا دليل وليس كان ما عوض (2) فيه بآخر بيعا فهذا القرض مال بمال وليس بيعا بلا خلاف ولم يجز أبو حنيفة السلم في الحيوان واجازه مالك. والشافعي وما نعلم لتخصيصهم الحيوان بالمنع من السلم فيه دون سائر ما أباحوا السلم فيه من غير المكيل والموزون حجة أصلا إلا أن بعضهم موه بأنه قد روى عن عمر أنه قال: من الربا ما لا يكاد يخفى كالسلم في سن قالوا:
وعمر حجة في اللغة ولا يقول مثل هذا الا بتوقيف فقلنا له: هذا لا يسند عن عمر، ثم لو صح لكان حجة (3) عليكم لان في هذا الخبر نفسه انه نهى عن بيع الثمرة وهي مغضفة (4) لما تطب بعد وأنتم تجيزونه على القطع فمرة عمر حجة ومرة ليس هو بحجة * وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا ابن أبي زائدة عن وكيع عن معمر عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عمر: من الربا أن تباع الثمرة وهي مغضفة لما تطب * ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو عوانة عن أبن بشر عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر عن الرهن في السلف؟ فقال ذلك الربا المضمون، وهم يجيزون الرهن في السلف ولم يكن قول ابن عمر في ذلك أنه الربا بأصح طريق حجة في أنه ربا ما شاء الله كان * وأما المالكيون. والشافعيون فإنهم احتجوا بما روى من طريق عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه كان يبتاع البعير بالقلوصين والثلاثة إلى إبل الصدقة بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبامره (4)، وهذا حديث في غاية فساد الاسناد رويناه من طريق محمد بن إسحاق فمرة رواه عن أبي سفيان ولا يدرى من هو عن مسلم بن كثير ولا يدرى من هو وعن عمرو بن دينار الدينوري ولا يدرى من هو عن عمرو بن حريش الزبيدي ولا يدرى من هو، ومرة قلب الاسناد فجعل أوله آخره وآخره أوله فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم عن جبير ولا يدرى من هو عن أبي سفيان ولا يدرى من هو عن عمرو بن حريش، ومثل هذا لا يلتفت إليه الا مجاهر بالباطل أو جاهل أعمى، ثم لو صح لكان حجة على المالكيين. والشافعيين لان الأجل عندهم إلى الصدقة لا يجوز فقد خالفوه ومجئ