العجوة فجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فالتمس التمر فلم يجده فقال للاعرابي: يا عبد الله انا ابتعنا منك جزورا بوسق من تمر الذخرة ونحن نرى أنه عندنا فالتمسناه فلم نجده فقال الاعرابي: وا غدراه فزجره الناس وقالوا: أتقول هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فان لصاحب الحق مقالا، ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام ثانية كما أوردنا فقال الاعرابي: وا غدراه قال: فلما لم يفهم عنه الاعرابي أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم حكيم أقرضينا وسقا من تمر الذخرة حتى يكون عندنا فنقضيك فقالت: أرسل رسولا يأتي بأخذه فقال للاعرابي: انطلق معه حتى يوفيك) وذكر باقي الخبر فهذا لا حجة لهم فيه على مذهبهم ومذهبنا لان البيع لم يكن تم بعد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الاعرابي لأنهما لم يتفرقا هكذا (1) نص الحديث ويبين ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم له (انا كنا ابتعنا منك بعيرا بوسق من تمر الذخرة ونحن نرى أنه عندنا فالتمسناه فلم نجده) وقول أم المؤمنين في الخبر نفسه فلما لم يفهم عنه الاعرابي استقرض من أم حكيم فصح أنه عليه السلام حينئذ أمضى معه العقد المحدود وتم البيع بحضور الثمن وقبض الاعرابي، وهذا الخبر حجة على الحنيفيين. والمالكيين لأنهم يرون البيع يتم قبل التفرق وليس لهم أن يقولوا: إن هذا منسوخ بذكر الأجل في السلم لان ذكر الأجل في السلم كان في أول الهجرة كما روينا من طريق البخاري نا صدقة هو ابن خالد نا سفيان بن عيينة أخبرني ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال:
(من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) وكان خبر عائشة بعد ذلك؟ فان قيل إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه فان لصاحب الحق مقالا) دليل على أن البيع قد كان تم بينهما قلنا: لأنه عليه السلام لم يقل: ان هذا الاعرابي صاحب حق إنما أخبر أن لصاحب الحق مقالا فقط وهو كذلك وحاشا لله أن يكون الاعرابي صاحب حق وهو يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالغدر * والخبر الثاني رويناه من طريق ابن أبي شيبة نا عبد الله ابن نمير نا يزيد بن زياد بن أبي الجعد نا أبو صخرة جامع بن شداد عن طارق ابن عبد الله المحاربي: (قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بسوق ذي المجاز وهو ينادى بأعلى صوته يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا وأبو لهب يتبعه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه فلما ظهر الاسلام قدم المدينة أقبلنا من الربذة حتى نزلنا قريبا من المدينة ومعنا ظعينة لنا فأتانا رجل فسلم علينا فرددنا عليه السلام معنا جمل لنا فقال: أتبيعون الجمل؟ فقلنا (2): نعم قال: بكم؟ قلنا: بكذا وكذا صاعا من تمر قال: قد أخذته ثم أخذ