ومنها: ما في خراج أبي يوسف عن زياد بن حدير قال: أول من بعث عمر بن الخطاب على العشور أنا. قال: فأمرني أن لا أفتش أحدا، وما مر علي من شئ أخذت من حساب أربعين درهما درهما واحدا من المسلمين. ومن أهل الذمة من كل عشرين واحدا، ومن لا ذمة له العشر. قال: وأمرني أن أغلظ على نصارى بني تغلب، وقال: إنهم قوم من العرب وليسوا بأهل كتاب فلعلهم يسلمون. قال: وكان عمر قد اشترط على نصارى بني تغلب أن لا ينصروا أبناءهم " (1).
ومنها: ما في سنن البيهقي والخراج أيضا عن أنس بن سيرين، قال: " أرادوا أن يستعملوني على عشور الأبلة، فأبيت، فلقيني أنس بن مالك فقال: ما يمنعك؟
فقلت: العشور أخبث ما عمل عليه الناس. قال: فقال لي: لا تفعل، عمر صنعه؛ فجعل على أهل الإسلام ربع العشر، وعلى أهل الذمة نصف العشر، وعلى المشركين ممن ليس له ذمة العشر " (2).
والأبلة هي: " البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري " (3).
ولم يرد بالعشر في هذه الروايات زكاة التجارة المشروعة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشرائطها التي منها الحول، بل يظهر منها أنه كان أمرا منكرا عندهم ولم يتعارف أخذه في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان هو أمر يشبه الحقوق الجمركية المتعارفة في أعصارنا. نعم يمكن أن يقال إن المأخوذ من المسلمين كان بعنوان زكاة التجارة ولذا كان يؤخذ منهم ربع العشر.
وفي المنتهى عن أحمد في أهل الحرب: " إنه يؤخذ منهم العشر مطلقا لأن عمر أخذ العشر ولم ينقل أنه شرط ذلك عليهم، واشتهر ذلك بين الصحابة، وعمل به