الثاني - ما ورد من طرق السنة في موارد العشور:
فمنها: ما روى أبو داود في كتاب الخراج عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنما العشور على اليهود والنصارى، وليس على المسلمين عشور ". وروى بسند آخر وقال " خراج " مكان " العشور " (1).
أقول: فالحديث على فرض صحته النقلان فيه يتعارضان ويتساقطان. ولعل المراد بالخراج فيه الجزية. وعلى فرض صحة النقل الأول فلا إطلاق للفقرة الأولى منه حتى يدل على جواز أخذ العشور منهم وإن لم تشترط إذ محط النظر في الحديث هو الفقرة الثانية منه أعني عقد النفي كما لا يخفى.
ومنها: ما في سنن أبي داود أيضا عن رجل من بكر بن وائل، عن خاله، قال: قلت: يا رسول الله، أعشر قومي؟ قال: " إنما العشور على اليهود والنصارى " (2). ورواه عنه أحمد أيضا وزاد في آخره: " وليس على الإسلام عشور " (3).
وقد تعرض لهذه الأخبار البيهقي في السنن ثم قال:
" وهذا إن صح فإنما أراد - والله أعلم - تعشير أموالهم إذا اختلفوا بالتجارة، فإذا أسلموا رفع ذلك عنهم " (4).
أقول: فيظهر من البيهقي الترديد في صدور هذا الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ويؤيد ذلك أن أكثر فقهائهم لا يتمسكون لجواز أخذ العشور بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل بفعل عمر وقوله كما نقل.