ولزوم الدقة فيها لكثرة وقوع الزلات فيها، أو على خصوص الظالمين منهم في استيفاء الحقوق.
ومنها: حديث ثواب الأعمال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " على العشار كل يوم وليلة لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا " (1).
ومنها: ما في مسند أحمد عن مالك بن عتاهية، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " إذا لقيتم عشارا فاقتلوه ". ثم حكى عن قتيبة بن سعيد قال: " يعني بذلك الصدقة يأخذها على غير حقها " (2).
ومنها: ما فيه أيضا عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" لا يدخل الجنة صاحب مكس " يعني العشار (3).
وفي النهاية: المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار.
أقول: لا دلالة في هذا القبيل من الأخبار على إرادة الجباة للعشور غير المشروعة فقط، بل لعل المراد بالعشور فيها الزكوات المقدرة شرعا بالعشر ونصف العشر وربع العشر، ووردت هذه الأخبار للإشارة إلى ما كان عليه غالب العشارين في تلك الأعصار من الظلم والإجحاف، والمطالبة ثانيا ممن أدى زكاة ماله، وأخذ الزيادة باسم الهدايا ونحو ذلك. ولعل كلمة المكس مأخوذة من المماكسة فإنهم كانوا يماكسون الناس في أخذ الزيادة.
ولعل الأمر بقتل العاشر - وهو من يأخذ العشور - فيما مر من حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا كان يراد به قتل من بلغ منهم حد الإفساد، وإلا فالحكومة الحقة مثل الباطلة لابد لها من عشار. فمن يطمئن من نفسه بالاحتياط والتقوى ورعاية