كل ضريبة، ولا غنى للحكومات عن الأموال والضرائب.
قال المفيد: " وجعلها - تعالى - حقنا لدمائهم ومنعا من استرقاقهم ووقاية لما عداها من أموالهم " (1).
ويستفاد هذا من نصوص المعاهدات التي عقدها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والخلفاء وأمرائهم مع أهل الكتاب.
ففيما كتبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل نجران: " ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دنية (وليس عليهم ربية.
الوثائق) ولا دم جاهلية ولا يخسرون ولا يعسرون (ولا يحشرون ولا يعشرون.
الوثائق) ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين... " (2).
أقول: قوله: " لا يحشرون " أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث. وقيل: لا يجلون من أوطانهم و " لا يعشرون " أي لا يؤخذ منهم العشر فالجزية توضع عادة على رؤوس أهل الذمة أو على أراضيهم أو كليهما عوضا عن الزكوات والأخماس التي كانت تؤخذ من المسلمين. والدولة لا مناص لها من الأموال التي بها يقوم الملك وتدار شؤونه وبها يدفع عن البلاد والعباد.
فأهل الذمة بعد عقدها والعمل بشرائطها يعيشون بين المسلمين في ظل حكومتهم عيشة حرة آمنين في الأموال والأعراض والنفوس، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. بل الشواهد التاريخية تشهد بأنهم ربما كانوا يؤثرون العيش في ظل