ويهاجمون الضعفاء ويسترقونهم لتوفير الأموال والثروات. وقد استمرت هذه الخصلة السيئة الظالمة إلى قرب أعصارنا، فكان المتمكنون من الغربيين يهاجمون قبائل السود في إفريقيا بخشونة وقسوة ويسترقونهم للبيع في الأسواق أو الاستخدام في المزارع والمصانع.
ولكن للإسلام بالنسبة إلى الحروب والغنائم والأسارى نظر آخر يباين هذه الطريقة بالكلية، فليس بناء الجهاد الإسلامي على أساس أن يسمح للمسلمين التغلب على الأناس بداع استعبادهم.
نعم الأسارى نتائج طبيعية قهرية للحروب وقد فصل فيها فقهائنا. فإن أسرن والحرب قائمة فلها أحكام من أرادها فليطلبها في كتاب الجهاد من الكتب الفقهية.
وإن أسرن وانتقلن وراء الجبهات والحرب قائمة أو أسرن بعدما وضعت الحرب أوزارها فأمرها مفوض إلى الإمام، فله أن يختار المن أو الفداء أو الاسترقاق حسب ما يراه صلاحا. وفي المنتهى والتذكرة (1) نسب هذا إلى علمائنا أجمع.
والمشهور بيننا عدم جواز القتل في هذه الصورة.
وصريح الكتاب العزيز يدل على جواز المن والفداء. وإطلاق الفداء يعم الفداء بالمال وبالرجال، ويدل عليهما أيضا عمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكر في الخلاف (2).
وما رواه في الكافي عن طلحة بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
كان أبي (عليه السلام) يقول: " إن للحرب حكمين... والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها، فكل أسير أخذ في تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار؛ إن شاء من عليهم فأرسلهم وإن شاء فاداهم أنفسهم، وإن شاء استعبدهم