الناس ليس لهم طعام " (1).
ولفظ الكراهة أعم من الحرمة والكراهة المصطلحة عند الفقهاء.
وحيث إنه (عليه السلام) نفى البأس في الجملة الأولى، والجملة الثانية تكون بيانا لمفهوم الأولى، صار قوله: " فإنه يكره " بمنزلة أن يقول: " فيه بأس " وظاهره الحرمة أيضا.
وبهذه الطائفة من الأخبار المصرحة بالتفصيل، تفسر الأخبار السابقة من الطوائف الثلاث وإن كانت بصورة الإطلاق.
فالمستفاد من جميعها بعد حمل بعضها على بعض هو أن الحكرة المنهي عنها إنما هي محرمة فيما إذا لم يكن في البلد طعام أو متاع بقدر الكفاية بحيث يكون حبسه موجبا لأن يبقى الناس بلا طعام في الشدة والضيق.
وقد عرفت أن ظاهر كثير منها التشديد فيها وكونه موجبا للدخول في النار وفي عرض المحرمات الكبيرة من قبيل الإدمان على الخمر والقيادة ونحوهما.
هذا، مضافا إلى أنه لو لم يكن محرما لم يكن وجه لعقوبة فاعله وإجباره على البيع من قبل الحاكم. كيف؟! وهل يمكن القول برضا الشارع بعمل يوجب الضرر والضيق على الناس؟
فمناسبة الحكم والموضوع أيضا تقتضي القول بالحرمة. فلا دخالة لخصوصية الاشتراء في ذلك، نعم يشترط فيه الاستبقاء للزيادة في الثمن، فلو استبقاه لحاجة نفسه وعائلته أو للبذر لم يكن محتكرا ولم يحرم، اللهم إلا في بعض الفروض.