نظام الحكم في الإسلام - الشيخ المنتظري - الصفحة ٣٨٥
ويظهر من هذه الصحيحة أن الاحتكار المضر المنهي عنه هو الذي يصدر من قبل الأفراد أو الشركات التجارية التي تقدم على الحصار الاقتصادي بحيث يستقر جميع المتاع في قبضتهم ويعاملون معه كيف ما شاؤوا كما هو المعمول في عصرنا في الدول الكبرى الرأسمالية. وأما بائع الجزء الذي لا يوجب حبسه تأثيرا عميقا في السوق بحيث يستعقب فقد المتاع فلا يكون محتكرا.
2 - عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " نفد الطعام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله، قد نفد الطعام ولم يبق منه شئ إلا عند فلان، فمره ببيعه. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا فلان، إن المسلمين ذكروا أن الطعام قد نفد إلا شئ عندك فأخرجه وبعه كيف شئت ولا تحبسه " (1).
أقول: فظاهر الأمر الوجوب - إما حكما إلهيا أو ولائيا - وعلى الاحتمال الثاني لا يختص حكمه (صلى الله عليه وآله) بزمانه لأنه (صلى الله عليه وآله) ولي المؤمنين وأولى بهم إلى يوم القيامة (2). ومقتضى وجوب البيع حرمة الحبس والاحتكار.
3 - بسند صحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به، هل يصلح ذلك؟ قال: " إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به. وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك

(1) الوسائل 12، 316.
(2) لقائل أن يقول: يمكن أن يكون الحكم الصادر عن النبي (صلى الله عليه وآله) بما أنه ولي المؤمنين حكما إلهيا دائميا ولكن إذا كان الحكم الصادر عنه (صلى الله عليه وآله) ولائيا يختص بزمانه إذ لا معنى لحكومته في غير زمانه. ولا شك أن لكل زمان حاكما شرعيا - منصوبا أو منتخبا - فلو كان النبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته حاكما أيضا بالمعنى المصطلح يلزم أن يكون في زمان كل من الأئمة حاكمان وإمامان. وهذا باطل بالعقل والنقل. نعم سنة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) المبينة للأحكام الإلهية الدائمية حجة في جميع الأزمنة إلى يوم القيامة فلا يختص بزمان حياتهم (عليهم السلام) - م -.
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست