2 - ولما فارق الخريت بن راشد الناجي وأصحابه، أمير المؤمنين (عليه السلام) وتفرقوا في البلاد كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عماله في البلاد: "... أما بعد، فإن رجالا لنا عندهم بيعة خرجوا هرابا فنظنهم وجهوا نحو بلاد البصرة فاسأل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك، ثم اكتب إلي بما ينتهي إليك عنهم، والسلام " (1).
الرابع: في مراقبة الأمة في حاجاتها وخلاتها وشكاياتها وما تتوقعه من الحكومة المركزية وفي تعهداتها للحكومة وما تتوقعه الحكومة منها:
اعلم أن الغرض من تأسيس الدولة عندنا إصلاح أمر الأمة، والحافظ للدولة والضامن لقدرتها على التنفيذ هو قوة الأمة ودفاعها، فلا محالة يتعين وجود الارتباط التام بين الحكومة والأمة والتعرف على حاجات الطرفين وتوقعاتهما بوسائط منصوبة أو منتخبة.
وقد كان يطلق في الأعصار الأول للإسلام على هذه الوسائط اسم النقباء والعرفاء.
ففي الصحاح: النقيب: العريف وهو شاهد القوم وضمينهم، والجمع النقباء.
والعريف: النقيب، وهو دون الرئيس. والجمع العرفاء.
أقول: ظاهر كلمات أهل اللغة كونهما بمعنى واحد أو متقاربين. وقد كان النقيب والعريف رابطا بين القبيلة أو العشيرة وبين الإمام أو الأمير يتعرف منه حالاتهم، وكان المتعارف انتخابه من أفراد القبيلة لكونه أعرف بهم من غيره.
وقد أمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حكمهما وسياستهما لأمور الأمة أمر النقابة والعرافة، كما سيظهر:
1 - ففي سيرة ابن هشام؛ " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما بايعه أهل المدينة في