الأول: مقتضى إطلاق هذه الأخبار عدم كفاية غلبة الظن في سقوط التكليف. وإن الساقط مع العلم بعدم التأثير هو الوجوب لا الجواز؛ اللهم إلا مع الضرر الذي لا يجوز تحمله. وإنه لولا هذه الأخبار أمكن القول بالوجوب مطلقا حتى مع العلم بعدم التأثير. وفائدته إتمام الحجة على الفاعل.
الثاني: الظاهر أنه لا يتعين أن يكون التأثير في الحال، فلو جوز التأثير فيه ولو في المآل وجب الأمر والنهي، بل لا يبعد الوجوب لو علم أن النهي لا يؤثر في شخص الفاعل ولكنه يؤثر في غيره ممن رأى أو سمع فيوجب إعراضه عن الفاعل وعمله.
بل لو كان الناهي عالما دينيا شاخصا مثلا وكان سكوته موجبا لضعف عقائد المسلمين ووهن علماء الدين، ونهيه واعتراضه على الفاعل سببا لقوة إيمانهم أمكن القول بالوجوب أيضا وإن لم يؤثر في شخص الفاعل.
الشرط الثالث: أن يكون الفاعل له مصرا على الاستمرار، فلو لاح منه أمارة الامتناع أو أقلع عنه سقط الإنكار.
أقول: التعرض للغير هتك لحرمته فمع الشك الابتدائي أو احتمال فعل المنكر لا يجوز التعرض له قطعا، ولا التفتيش والتجسس.
وأما مع سبق العصيان واحتمال الإصرار على العمل خارجا أو بمجرد قصد التكرار فهل يحكم بجواز النهي عن المنكر بل بوجوبه لإطلاق الأدلة، أو لاستصحاب الوجوب ما لم يحرز الامتناع أو الندم والتوبة. أو بعدم الجواز إلا مع احراز الإصرار كما عن جماعة، أو ظهور أمارة الاستمرار كما عن آخرين، أو يفصل بين كون المحتمل استدامة العمل خارجا وبين كونه مجرد القصد إذ لا حرمة لقصد المعصية حتى ينهى عنه؟
في المسألة وجوه بل أقوال. والاحتياط حسن على كل حال.