نظام الحكم في الإسلام - الشيخ المنتظري - الصفحة ١٥٢
... فحاصل كلامه (رحمه الله) أن قول السائل: " فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة " وكذا قول الإمام (عليه السلام): " فإنما تحاكم إلى الطاغوت " حيث استعمل لفظ الطاغوت واستشهد بالآية الشريفة، وكذا قوله: " فإني قد جعلته عليكم حاكما " بدل قوله " قاضيا " كل ذلك قرينة على أن المقصود هو تعيين المرجع لجميع الأمور المرتبطة بالولاة التي منها القضاء. وإلى هذا البيان أيضا يرجع كلام كل من استدل بالمقبولة، فتكون دليلا على نصب الوالي والقاضي معا، وليس المراد أن هنا نصبين: نصب الفقه واليا، ونصبه قاضيا. بل المراد نصبه واليا ولكن القضاء أيضا من شؤون الوالي.
ولكن يمكن أن يناقش في استدلال الأستاذ بوجوه:
الأول: ما تقدم من الإشكال في النصب العام ثبوتا. وإذا فرض عدم الإمكان ثبوتا لم تصل النوبة إلى مقام الاثبات. ولو وجد ظاهر يدل عليه وجب أن يحمل على بيان الصلاحية لا الفعلية، وإنما تتحقق الفعلية بالرضا والانتخاب ولذا قال " فليرضوا به حكما " وإنما أمر بذلك ردعا عن انتخاب الجائر أو انتخاب غير الفقيه الواجد للشرائط.
الثاني: أن الولاية بالنصب ثابتة عندنا للإمام الصادق (عليه السلام) بنفسه، وبعده أيضا للأئمة من ولده، فما معنى نصب الفقهاء ولاة بالفعل مع وجوده وظهوره؟ نعم يعقل نصب القاضي (1) للمخاصمات الواقعة بين الشيعة لعصره أيضا بعد عدم جواز

(١) يظهر من كلمات الأستاذ - دام ظله - أنه تسلم نصب عموم الفقهاء العدول قضاة في عصر الغيبة، ولم ير فيه إشكالا ثبوتا؛ ولكن لما كان ولاية القضاء والولاية الكبرى من واد واحد، فلا يمكن في مقام الثبوت جعل عموم الفقهاء قضاة ولا يمكن الالتزام بتعدد القضاة بالفعل لما مر في نصبهم للولاية الكبرى طابق النعل بالنعل. ولا تندفع الإشكالات الواردة على النصب ثبوتا بمحدودية عمل القاضي في ظرف خاص ومنطقة محدودة، لأن جميع الإشكالات يرد حتى في منازعة جزئية بين شخصين في بلد صغير يوجد فيه فقيهان.
فالأولى حمل المقبولة وخبر أبي خديجة وغيرهما من الأدلة التي يستدل بها على نصب الفقيه قاضيا، على إرشاد الشيعة إلى من يكون صالحا للقضاء والولاية، وأما فعلية ولاية القضاء أو الولاية الكبرى لا تكون إلا بالرضا بقضاء الصالح له أو انتخاب الصالح للولاية - م.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست