هي ظاهرة فيهم في نفسها...
وقوله (عليه السلام): " فليرضوا به حكما " يكون تعيينا للحاكم في التنازع مطلقا...
فاتضح من جميع ذلك أنه يستفاد من قوله (عليه السلام): " فإني قد جعلته عليكم حاكما " أنه جعل الفقيه حاكما فيما هو من شؤون القضاء، وما هو من شؤون الولاية. فالفقيه ولي الأمر في البابين وحاكم في القسمين، سيما مع عدوله (عليه السلام) عن قوله " قاضيا " إلى قوله " حاكما " بل لا يبعد أن يكون القضاء أيضا أعم من قضاء القاضي ومن أمر الوالي وحكمه... ".
ثم تعرض (رحمه الله) لبعض الشبهات الواردة والجواب عنها، فقال ما حاصله:
" ثم إنه قد تنقدح شبهة في بعض الأذهان بأن أبا عبد الله (عليه السلام) في أيام إمامته إذا نصب شخصا أو أشخاصا للامارة والقضاء كان أمده إلى زمان إمامته (عليه السلام) وبعد وفاته يبطل النصب.
وفيها ما لا يخفى، فإنه مع الغض عن أن مقتضى المذهب أن الإمام إمام حيا وميتا وقائما وقاعدا، أن النصب لمنصب الولاية أو القضاء أو نصب المتولي للوقف أو القيم على السفهاء أو الصغار، لا يبطل بموت الناصب... فمن نصبه الإمام الصادق (عليه السلام) منصوب إلى زمان ظهور ولي الأمر (عليه السلام).
وهنا شبهة أخرى أيضا، وهي أن الإمام وإن كان خليفة رسول الله وله نصب الولاة والقضاة لكن لم تكن يده مبسوطة... فلا أثر لجعل منصب الولاية لأشخاص لا يمكن لهم القيام بأمرها. وأما نصب القضاة فله أثر في الجملة.
وفيها: أنه مع وجود الأثر في الجملة لبعض الشيعة ولو سرا، أن لهذا الجعل سرا سياسيا عميقا، وهو طرح حكومة عادلة إلهية وتهيئة بعض أسبابها حتى لا يتحير المتفكرون لو وفقهم الله لتشكيل حكومة إلهية... بل الغالب في العظماء من الأنبياء وغيرهم الشروع في الطرح أو العمل من الصفر تقريبا ".